فسخ الزواج قبل الزفاف للكراهية

فسخ الزواج قبل الزفاف للكراهية

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

يحق للزوجة ان  تطلب من  القضاء فسخ عقد نكاحها قبل الزفاف وبعده للكراهية، لأن الكراهية أمر باطني قد يتحقق قبل الزفاف وبعده ، والفسخ للكراهية قبل الزفاف له خصوصيته لعدم وجود دخول بالزوجة، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 23-5-2012م في الطعن رقم (49485) المسبوق بالحكم الاستئنافي الذي قضى بأن (الحكم الابتدائي قد أعمل المادة (54) أحوال شخصية إعمالاً سليماً، لأن الكراهية من الزوجة لزوجها قد تقع قبل الزفاف وبعده ، ولأن الفسخ  قبل الزفاف يصيب الزوج بالضرر بتفويت الغرض من الزواج مع  ان الزوج قد تكبد مخاسير مراسيم العقد والخطوبة مما يتعين على المستأنف ضدها تعويضه عن تلك المخاسير وتقدرها الشعبة بمبلغ مائة ألف ريالاً عملاً بالمادة (5) أحوال شخصية)، وقد اقر حكم المحكمة العليا الحكم الاستئنافي في قضائه الفسخ قبل الزفاف للكراهية  وإرجاع  المهر  غير أن حكم المحكمة العليا نقض الجزئية التي تضمنها قضاء الحكم الاستئنافي بتعويض الزوجة للزوج  عن الفسخ  ، وقد ورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا: ((فقد تبين للدائرة: ان الحكم الاستئنافي قد وافق الشرع والقانون في قضائه بالفسخ وإرجاع المهر، اما قضائه بتعويض المطعون ضده بمبلغ مائة ألف ريال فإن الحكم الاستئنافي يكون في ذلك قد خالف نص المادة (54) أحوال شخصية مما يجعل الطعن مؤثراً في هذه الجزئية))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:

الوجه الأول: الفسخ  قبل الزفاف:

عقد الزواج هو إرتباط بين زوجين بعقد شرعي تحل به المرأة للرجل شرعاً حسبما ورد في المادة (6) من قانون الأحوال الشخصية، في حين ان فسخ الزواج هو حل أو نقض أو إنهاء الرابطة الزوجية أو عقد الزواج، ولذلك يجوز الفسخ لعقد الزواج قبل زفاف الزوجة إلى الزوج وقبل دخوله بها كما يكون الفسخ بعد الزفاف ، ومن هذا المنطلق فقد قضى الحكم محل تعليقنا بفسخ الزواج قبل زفاف المرأة إلى الزوج.وقد كان سبب فسخ الزواج في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا هو كراهية المرأة المعقود عليها لزوجها الذي لم تزف إليه بعد، وقد تولدت الكراهية لدى الزوجة من الرسائل التي كان يرسلها إليها عن طريق الهاتف حسبما ورد في أسباب الحكم الابتدائي، وعلى هذا الأساس فإن الكراهية قد تحدث من جانب الزوجة لزوجها مع أنها لم تزف إليه بعد.ووفقا للمادة(36 ) أحوال شخصية فإذا حدث الفسخ للزواج قبل زفاف الزوجة فإن المرأة تستحق نصف المهر  إذا كان سبب الفسخ يرجع إلى الزوج اما إذا كان سبب الفسخ يرجع إلى الزوجة فإن المرأة لا تستحق من المهر شيئا ويجب عليها في هذه الحالة أن ترد ما سبق ان قبضته من المهر، وفي هذا المعنى نصت المادة (36) أحوال شخصية على أنه (يستحق نصف المهر المسمى بالطلاق او بالفسخ إذا كان من جهة الزوج قبل الدخول فإذا كان الفسخ من جهة الزوجين معاً أو من جهة الزوجة فقط فلا تستحق من المهر شيء، ويكون على الزوجة رد ما قبضته مما لا يستحق لها ولا يلزم رد مثل ما وهبته لزوجها) ورغم هذا النص فإن قانون الأحوال الشخصية حينما نظم أسباب الفسخ في المواد (من 43 وحتى 57) لم ينص على ان إلزام المرأة برد المهر إلا عند الفسخ بسبب الكراهية دون غيره من أسباب الفسخ حسبما سنرى لاحقاً.

الوجه الثاني: فسخ الزواج للكراهية:

نظم قانون الأحوال الشخصية الفسخ للكراهية في المادة (54) التي نصت على أنه (إذا طلبت المرأة الحكم بالفسخ للكراهية وجب على القاضي أن يتحرى السبب فان ثبت له عين حكما من أهل الزوج وحكما من أهلها للإصلاح بينهما وإلاَّ أمر الزوج بالطلاق فان امتنع حكم بالفسخ وعليها أن ترجع المهر)، فهذا النص يشمل الزوجة مطلقاً سواء تلك التي تم زفافها إلى زوجها أو تلك التي لم تزف بعد، وقد صرح النص السابق أنه يجب على الزوجة المفسوخ نكاحها بسبب الكراهية ان ترجع المهر كاملاً إذا كانت قد قبضت ذلك.

الوجه الثالث: لا يلزم الزوجة المحكوم بفسخ زواجها ان ترجع إلى زوجها المفسوخ نكاحه إلا المهر المذكور في عقد زواجها:

قضى الحكم محل تعليقنا بأنه لا يلزم المرأة المحكوم بفسخ نكاحها بسبب الكراهية ان تعيد إلى الزوج إلا المهر المسمى المذكور في عقد الزواج إذا كانت قد قبضته، فلا يلزمها ان ترد إلى الزوج أية أموال أخرى  كما لايلزمها ان تدفع أية تعويضات حسبما قضى الحكم محل تعليقنا، لأن المادة (54) أحوال شخصية التي نظمت الفسخ بسبب الكراهية لم تلزم المرأة المفسوخ نكاحها بسبب الكراهية لم تلزمها إلا بإرجاع المهر فقط المذكور في عقد زواجها.  

الوجه الرابع: مدى جواز الحكم بإلزام الزوجة بإرجاع تكاليف الخطبة وهداياها عند فسخ الزواج للكراهية قبل الزفاف:

كان الحكم الاستئنافي قد قضى بإن تدفع الزوجة  إلى الزوج مبلغ مائة ألف ريالا كتعويض للزوج عن المبالغ التي تكبدها عند الخطبة وابرام عقد الزواج واستند الحكم الاستئنافي في ذلك إلى المادة( 5) أحوال شخصية التي نصت على أنه ( إذا ترتب على العدول عن الخطبة ضرر يتحمل المتسبب ماترى المحكمة لزومه ومقداره من التعويض ان ترافعا )، في حين قضى حكم المحكمة العليا بإلغاء التعويض المحكوم به في الحكم الاستئنافي، لأن الدعوى كانت فسخ عقد الزواج قبل الزفاف  فالحكم بفسخ الزواج تختلف اثاره عن آثار العدول عن الخطبة، الفسخ في هذه الحالة ليس عدولا عن الخطبة.وعلى هذا الأساس لايلزم الزوجة ان تعيد الهدايا المقدمة إليها عند خطبتها إذا تم الحكم بفسخ نكاحها قبل زفافها، فلاتسري  احكام المادة (4) أحوال شخصية على الفسخ للكراهية قبل الزفاف، ومما يجدر  ذكره ان المادة (4) قد نصت على أنه(-1- لكل من الخاطبين العدول عن الخطبة – 2- إذا كان العدول من جانب المخطوبة وجب عليها رد الهدايا بعينها إذا كانت قائمة وإلا فمثلها أو قيمتها يوم القبض، وإذا كان العدول من جانب الخاطب فلايجب  إعادة الهدايا إليه – 3- إذا انتهت الخطبة بالوفاة أو بسبب لايد لاحد الطرفين فيه أو بعارض حال دون الزواج فلايسترد شئ من الهدايا المستهلكة عادة )، والله اعلم.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.