أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء
من الشائع أن يقوم بعض الورثة بالتصرف ببعض أموال التركة لحسابه قبل قسمتها بين جميع الورثة ، وقد اجاز القانون المدني للوارث او الشريك أن يتصرف في حصته الشائعة أو نصيبه الشائع، ولكن المسألة تكون دقيقة إذا تصرف الوارث في عين أو اعيان مفرزة من التركة لحسابه تصرف فيها كلها قبل قسمة التركة بين جميع الورثة، وفي هذا الشأن فقد قضى الحكم محل تعليقنا بانه إذا تصرف أحد الورثة في العين كلها من اعيان التركة قبل قسمتها فإن ذلك يخصم من نصيبه إجراء القسمة، والحكم محل تعليقنا هو الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 28-12-2011م في الطعن رقم (43561) المسبوق بالحكم الابتدائي الذي قضى بـ (صحة التصرفات الصادرة من بعض الورثة وإحتسابها من نصيب كل متصرف)، وقد قضى الحكم الاستئنافي بتأييد الحكم الابتدائي (لأنه بني على أسباب وجيهة مقبولة شرعاً وقانوناً)، وعند الطعن بالنقض في الحكم الاستئنافي أمام المحكمة العليا قضت الدائرة الشخصية بإقرار الحكم الاستئنافي، وقد ورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا: ((فقد طالعت الدائرة مناعي الطاعنين على الحكم الابتدائي والحكم الاستئنافي، فتبين للدائرة: أن محكمة الموضوع قد ناقشت تلك المناعي مناقشة مستفيضة وتوصلت المحكمة الاستئنافية في حكمها إلى نتيجة صحيحة موافقة للشرع والقانون)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الاتية:
اجاز الفقه الإسلامي للوارث أو الشريك أن يتصرف في نصيبه أو حصته الشائعة سواء تصرف في حصته الشائعة في التركة أو الشراكة كلها أو تصرف في حصته الشائعة في بعض أموال التركة أو الشراكة، وكذا اجاز القانون المدني ذلك، فقد نصت المادة (494) على أنه (يصح بيع حصة شائعة معلومة في عقار للشريك أو لغيره).
قد يتصرف الوارث في كل العين المفرزة من اعيان التركة، وعلى أساس جواز التصرف في الحصة الشائعة على النحو السابق بيانه فيكون تصرف الوارث صحيحاً في حدود نصيبه الشائع في العين المفرزة، في حين يكون تصرفه في ما زاد على نصيبه من قبيل تصرف الفضولي الذي يكون موقوفاً على إجازة الورثة، فإن اجازوا ذلك نفذ البيع وان لم يجزه الورثة يكون باطلاً، وفي هذا المعنى نصت المادة (522) مدني على أنه (إذا انعقد البيع موقوفاً غير نافذ كبيع الفضولي وبيع الصغير المميز غير المأذون فلا يفيد ملك المشتري للمبيع ولا ملك البائع للثمن إلا إذا اجاز البيع من له الحق في إجازته ووقعت الإجازة مستوفية شروط صحتها) وبينت المادة (523) مدني شروط الإجازة وكيفيتها إذ نصت هذه المادة على أن (الإجازة هي إقرار العقد الموقوف عليها ممن يملك ذلك بالغاً رشيداً مدركاً مختاراً غير مكره ولا هازل، وتكون صريحة أو ضمنية بالقول أو بالفعل، وتنطبق الإجازة على العقد منذ وقوعه)، فإذا لم يقم الورثة بإجازة تصرف الوارث في العين قبل القسمة فيتم حصر العين المباعة ضمن كشف حصر أموال التركة المطلوب قسمتها ويتم تثمين العين المتصرف فيها ضمن أموال التركة ويتم خصم ثمنها من نصيب الوارث الذي سبق له بيعها كلها أو التصرف فيها، والله اعلم.