حجية التعطيل في ظهر وثيقة الملكية العقارية

حجية التعطيل في ظهر وثيقة الملكية العقارية

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

التعطيل أو التعطول أو التنكيت :هو إثبات قيام المالك بالبيع أو التصرف بكل أو بعض ما ورد في وثيقة الملكية  التي يتم تعطيلها، ويتم التعطيل عن طريق  الكتابة او التدوين  في ظهر الوثيقة وذكر بيانات التصرف الناقل للملكية الذي قام به صاحب وثيقة الملكية، إذ يتم تدوين بيانات  تصرف صاحب الوثيقة بظهر وثيقة الملكية، وبهذا المفهوم يكون التعطيل حجة وملزماً لصاحب وثيقة الملكية، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 30-12-2012م، في الطعن رقم (47545)، المسبوق بالحكم الابتدائي الذي جاء في أسبابه (ان فصل والد المدعي معطل بظاهره البيع من والده للمشتري الذي قام بالبيع إلى المدعى عليه)، وقد أيدت الشعبة الاستئنافية الحكم الابتدائي، وقد ورد ضمن أسباب الحكم الاستئنافي (ان المستأنف لم يفلح في تقديم ما يؤثر في صحة المبيع المحرر في البصيرة وفي التعطيل المدون بظهر فصل والد المستأنف)، وعند الطعن بالنقض في الحكم المشار إليه قضت الدائرة المدنية بالمحكمة العليا بإقرار الحكم الاستئنافي، وقد ورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا: ((فقد تبين للدائرة: أن أسباب الطاعن غير واردة لعدم استنادها إلى مسوغ قانوني، فالمحكمة المطعون في حكمها قد سارت في نظر القضية بإجراءات صحيحةً وتبين لها أن المواضع المدعى بها قد انتقلت عن طريق البيع من والد الطاعن إلى المشتري الذي قام بدوره ببيعها إلى المطعون ضدهم، حسبما ورد في أسباب تأييد الحكم الاستئنافي للحكم الابتدائي، مما يتعين إقرار الحكم الاستئنافي ورفض الطعن))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:

الوجه الأول: معنى التعطيل لوثيقة الملكية العقارية:

وفقاً للقانون المدني الذي ينص على أنه يجب أن يكون البائع مالكاً لما يبيعه فإن الأمين الشرعي المختص بتحرير وثيقة البيع العقاري (البصيرة/ الحجة) يكلف البائع بتسليمه اي تسليم الأمين كافة المستندات التي تدل على ملكية البائع للعين المراد بيعها للتأكد من ملكية البائع، وبعد قيام الأمين الشرعي بتحرير وثيقة البيع (البصيرة) يقوم الأمين بتعطيل وثيقة ملكية البائع التي قد تكون وثيقة بيع( بصيرة )أو فصل أو وثيقة هبة أو نذر أو تمليك أو غيرها، فعندئذٍ يقوم الأمين الشرعي بتعطيل هذه الوثيقة عن طريق الكتابة خلف الوثيقة أو بظهرها بأن العقار المذكور في باطنها قد انتقل بالبيع أو غيره من التصرفات الناقلة للملكية إلى ملكية المشتري الجديد. وفي بعض المناطق وعند بعض الأشخاص يطلق على التعطيل (التعطول) ومعنى هذه التسمية لا يختلف عن معنى (التعطيل)، وكذا يطلق بعض الأشخاص وفي بعض المناطق على التعطيل مصطلح (التنكيت)، وهذا المصطلح  أيضا لا يختلف  في معناه عن معنى التعطيل، بيد أننا نحبذ مصطلح (التعطيل)، لأنه يتفق مع معناه، فمعناه تعطيل وثيقة ملكية البائع كلياً أو جزئياً وجعلها باطلة عاطلة غير صالحة للاحتجاج بها أو التصرف بموجبها ، لأنها قد صارت بعد التعطيل عاطلة باطلة كلياً أو جزئياً. وقد كان بعض كتبة وثائق الملكية العقارية لا يقوموا  بتعطيل الوثيقة إذا كان التصرف قد شمل كل العقار أو المساحة، حيث يتم تسليم المشتري الجديد أصل وثيقة الملكية، ولا يقوموا بالتعطيل الا اذا كان البيع لبعض المساحة فقط، والصحيح ان يتم التعطيل في كل الحالات.

الوجه الثاني: البيانات التي يجب أن يشتمل عليها التعطيل:

يجب أن يشتمل التعطيل على أهم البيانات الواردة في بصيرة المشتري مثل اسم البائع والمشتري والمبيع ومساحته وحدوده وثمن المبيع وشهود المبيع وتاريخ البيع، وتتم صياغة بيانات التعطيل بعبارة موجزة مقارنة بصياغتها في بصيرة المشتري، ويجب أن تتم كتابة التعطيل بخط الأمين الذي قام بتحرير بصيرة المشتري إذا كان الأمين على قيد الحياة، ويجب أن تتزامن عملية تحرير التعطيل مع عملية تحرير بصيرة المشتري كونهما يتعلقا بتصرف واحد تم في وقت ومكان واحد.

الوجه الثالث: الوثائق التي يتم تعطيلها:

يتم تعطيل كافة الوثائق الناقلة للملكية كوثيقة البيع (بصيرة البائع) وكذا فصل البائع الوارث بالإضافة إلى وثيقة الهبة أو العطية أو النذر أو الوصية للبائع، فالخلاصة أن التعطيل يشمل كافة الوثائق الناقلة للملكية التي يقوم البائع بالبيع بموجبها، ويكتفي بتعطيل هذه الوثائق، في حين كان يذهب بعض القضاة والأمناء إلى تعطيل أصول هذه الوثائق أيضا .

الوجه الرابع: حجية التعطيل:

للتعطيل حجيته مثل حجية بصيرة المشتري للتلازم فيما بين التعطيل وتحرير بصيرة المشتري، ولذلك فإن وجود التعطيل على الوثيقة أو المحرر يفيد أن المحرر أو الوثيقة عاطلة كلياً أو جزئياً وأن العقار المذكور فيها قد انتقل إلى المشتري المذكور في التعطيل بموجب بصيرة الشراء الموجودة بيد المشتري .

الوجه الخامس: الغرض من التعطيل:

الغرض من ذلك منع البائع من إعادة التصرف الناقل للملكية بموجب وثيقة الملكية التي في حيازته سيما عندما يقوم البائع بالتصرف في بعض الأرض أو العقار ، إذ لا يلزمه في هذه الحالة أن يقوم بتسليم المشتري أصل وثيقة ملكيته، إذ يحتاج البائع لوثيقة ملكيته للإحتجاج بها على ملكيته للأجزاء التي لم يقم ببيعها، فلا يلزم البائع تسليم أصل وثيقة ملكيته إلا إذا كان تصرفه قد شمل كافة الأموال المذكورة في وثيقة الملكية، والله اعلم.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.