انقضاء الحق في الشكوى وسقوطه أ.د محمد عبدالله العاقل

#اعرف_حقك_وقانونك⚖️🇾🇪
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


انقضاء الحق في الشكوى وسقوطه


أ.د محمد عبدالله العاقل


من المعلوم أن انقضاء الحق في الشكوى ينقضي بالتنازل، باعتباره عمل قانوني إجرائي من جانب المجني عليه يعبر فيه عن إرادته في وقف الأثر القانوني للشكوى المقدمة منه أو من يقوم مقامه قانوناً. 

حيث وضع المقنن اليمني للمجني عليه أحكاماً خاصة، أثناء تقديمه شكواه إلى النيابةالعامة، منها المطالبة بالحق المدني، وفقاً للمادة (43) أ. ج ، والذي حصر حق المجني عليه الشاكي في الواقعة الجنائية بالحقوق المدنية فإن أراد التنازل فإن تنازله في الأصل يقتصر على الحقوق المدنية المكفولة له قانونا، ونظراً للطبيعة الخاصة بجرائم الشكوى فإن تنازل الشاكي المجني عليه الخاصة له اثر بالتبعية على الدعوى العامة على نحو ما سيأتي بيانه.


وإذا كان المقنن اليمني قد كفل للمجني عليه أو من يقوم مقامه قانوناً الحق في التنازل عن الشكوى، وفقاً للمادة (31) أ. ج (1) شريطة توافر كامل الاهلية القانونية فإذا صدر من الغير أي من وكيل المجني عليه الشاكي فيجب أن توجد له وكالة خاصة منه بالتنازل ولا تقبل الوكالة العامة (2).
والعلة في ذلك أن تصرفات الوكيل يجب أن تكون نافعة نفعا للموكل الأصيل لا ضرراً عليه أو انتقاصا عن حقوقه أو في مركزه القانوني، وفقاً لصريح نص المادة (120) من قانون المرافعات والتنفيذ المدني(3). 
والأصل في التنازل أن يكون صريحا كتابة أو شفاهة وقد يكون ضمنيا بشرط أن يكون دلالة تصرف المجني عليه واضحاً لا تدع مجالا للبس، وتقدير حصوله على هذا النحو مسالة موضوعية لا قانونية(4).
وأما عن وقت تقديم التنازل فإن المقنن اليمني أعطى الشاكي الحرية في تقديم تنازله في أي وقت، وفقاً لنص المادة (31) أ. ج ، فإذا قدم الشاكي شكواه إلى النيابة وتم إحالتها إلى سلطه الاستدلالات لجمع الأدلة وضبط المتهمين وتنازل الشاكي حينها عن شكواه قبل رفع الأوليات إلى النيابة فإن التصرف القانوني لعضو النيابة فور وصول الأوليات إليه أن يصدر قرار بحفظ الأوراق نهائيا للتنازل عن الشكوى، وفقاً للمادة (112) أ.ج. 

أما إذا تنازل الشاكي عن شكواه لدى النيابة العامة واثناء التحقيق وقبل رفع الدعوى إلى المحكمة فإن التصرف القانوني لعضو النيابة هو إصدار قرار بألا وجه لإقامة الدعوى الجزائية نهائيا، وفقاً لنص المادة (218)أ.ج، لتنازل الشاكي عن شكواه (5). وبعد رفع الدعوى الجزائية إلى المحكمة فإن تنازل المجني عليه يتعين على القاضي إنهاء إجراءات الدعوى الجزائية، واختلف الفقه في بيان ما هو الوصف القانوني للقرار الذي سيطبقه القاضي، فذهب رأي بأن يصدر حكماً بالبراءة للتنازل عن الشكوى بالانقضاء(6)، بينما ذهب رأي فقهي آخر بأن المحكمة تقضي بانقضاء الدعوى الجنائية بتنازل وليس بالبراءة(1). 

وقد تنقضي الدعوى الجزائية بوفاة المتهم ، وفقاً للمادة (36)أ.ج(2).
ويؤكد عدم صوابية الحكم بالبراءة عند التنازل عن الشكوى هو أن المقنن اليمني قد بين بصريح نص المادة (376) أ.ج (3) ، أحوال الحكم بالإدانة وهي عندما تكون الواقعة ثابتة أو كان القانون لا يعاقب عليها فقط وتلك الحالتين لا يمكن الجزم بها إلا بعد التحقيق وسماع الأدلة بخلاف الحكم عند التنازل عن الشكوى فانه قد يكون قبل سماع الأدلة.
ويشترط في التنازل أن يصدر ممن له الحق في تقديم الشكوى ابتداء فمن لا يملك الحق في تقديم الشكوى فلا يصلح قانون التنازل عنها؛ فالتنازل عن الحق يفترض سبق وجود الحق وتحققه(4). 

وينطبق ذلك في حال وقوع إحدى جرائم الشكوى على الموظف العام أو المكلف بخدمة عامة أثناء تأدية واجباته الوظيفية، والذي استثني المقنن منه تقديم شكوى اعتداء عليه أثناء تأديته لمهامه، ولم يستوجب تنازل منه أيضاً، كون التنازل الموظف أو المكلف بخدمه عامه لا أثر للتنازل المقدم منه في سير إجراءات التحقيق لدى النيابة العامة أو إجراءات المحاكمة. ومن ثم لا يحق للمجني عليه الشاكي الرجوع عن التنازل إطلاقاً في أي مرحلة كانت فيها القضية(5).

 ويسقط حق الشاكي عن الشكوى أثناء تغيبه عن حضور جلسات التحقيق بعد تقديم الشكوى حتى رفع قرار الاتهام أو تغيبه عن حضور جلسات المحاكمة حتى صدور حكم ، وهو ما يفهم ضمنيا من خلال تغيبه ومتابعته للشكوى المقدمة منه أو وكيلة، وعند عدم مطالبته أثناء تقديم الشكوى بالتعويض المدني، حيث تعتبر الشكوى بلاغ.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- تنص المادة (31) أ .ج، على :" أن من له الحق في الشكوى أن يتنازل عنها في أي وقت "الجريدة الرسمية، مرجع سابق، ص.12.
2- د حسن صادق مرصفاوي، مرجع سابق، ص 99.
3- تنص المادة (120) من قانون المرافعات والتنفيذ المدني، التي نصت على: " بانه لا يصح لغير الوكيل
المفوض بتفويض خاص الاقرار بالحق المدعى به أو التنازل عنه... الخ. انظر قانون المرافعات والتنفيذ المدني،
رقم (40) لسنة 2002م ، المادة (120) ، الجريدة الرسمية، العدد (3)، 2006، ص 29.
4- د/ رؤوف عبيد، مبادئ الإجراءات الجزائية، مرجع سابق، ص 72.
- الجريدة الرسمية، مرجع سابق، ص 5.58
- د/ رؤوف عبيد ، مرجع سابق، ص 73 .6
342
- دامال ،عثمان مرجع سابق، ص192.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2 - تنص المادة (36) أ. ج ، على على: " بانه تنقضي الدعوى الجزائية بوفاة المتهم ويقاس على ذلك الحكم عند
التنازل عن الشكوى". الجريدة الرسمية، مرجع سابق، ص14.
- تنص المادة (376) أ.ج، على أنه: "...، أما إذا كانت الواقعة ثابته وتكون فعلاً معاقباً عليه تقضي المحكمة بالإدانة 3
وتحدد جلسة أخرى لتحقيق العناصر اللازمة لتحديد العقوبة وسماع ملاحظات الخصوم حولها ثم تقضي بها طبقاً
للقانون.... " . الجرية الرسمية، مرجع سابق، ص 108.
5- دامال عثمان مرجع سابق، ص92.
. 256 - د/ عبد الباسط الحكيمي، مرجع سابق، ص4
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر/ بحث حول" الإشكاليات الإجرائية لجرائم الشكوى في القانون اليمني. إصدار المركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية / المانيا - برلين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.