انعدام الجريمة أو تخلف أحد عناصرها وأثرهما في سلطة النيابة العامة في التصرف في القضايا

  دراسة تحليلية لنص الفقرتين (أ، ب) من المادة (42) أ. ج  

                    د. عُمر يحيى كُـــزابه2024م          


مقدمة عامة

الحمد لله العليم الحكيم، والصلاة والسلام على نبينا الصادق الأمين 

أما بعد:

 فقــد تفرَّد المشرع اليمني في صياغة نص المادة (42) أ.ج المتعلق بالأحــــــــــوال التي يمتنع فيها البدء باستعمال الدعوى الجزائية(تحريكها) أو الاستمـــــرار في إجراءاتها؛ إذ لم يرد مثيلٌ له في التشريع المصري على الرغـــــــم من أن الأخير يعـــــــد مصدرًا له، كما لم أجــــــد نصاً مشابهاً في التشريعات التي قُدِّر لي مطالعتها، ومــــن الإنصاف القول: إن النص المذكـــــور قد جاء متميزًا في دقة ألفاظه وإيجاز جمله وتراكيبه، كل ذلك أعطى لــــه مدلولًا عميقًا، وسأظهر ذلك - بإذن الله - حال مناقشة فقراته الثمان.

 ومــــن الجدير ذكره: أن جميع الأحـــــوال المذكورة في نص المادة (42) أ.ج تتعلق بالحق في الدعــــــــــوى ذاته لوروده في الأحكام العامــــة للدعوى الجزائية، ومـــن ثم فإنها تحقق أثرها الإجرائي فور توافرها سواءً قبل بدء استعمال حق الدعوى الجزاائية أو أثنائه، وقـــــــــد أجمل المشرع ذلك الأثر بقوله:" لا يجوز تحريك الدعوى الجزائية ويتعين إنهاء إجراءاتها إذا كانت قــــــد بدأت في إحدى الأحوال الآتية:

 أ- عند عدم وجود جريمة.

 ب- إذا لم تتوافر عناصر الجريمة. 

ج- عدم بلوغ سن المساءلة الجزائية. د- لسبق صدور حكم في القضية غير قابل للطعن. 

هـ- لسبق صدور قرار بالأوجه لإقامة الدعوى و استنفاذ طرق طعنه. 

و- صدور عفو عام أو خاص.

 ز- وفاة المتهم. 

ح- بانقضاء الدعوى بالتقادم. "

ومن خلال التأمل وتدقيق النظر في صياغة هذا النص وتحليل إلفاظه تظهر مجموعةً من التساؤلات والملاحظات قد تكون الإجابة عنها مدخلاً لفهم مراد المشرع منه، من أهم تلك التساؤلات:

- من الملاحظ أن المشرع اليمني قد ذكر في الفقرات (أ، ب، ج) أ.ج ثلاثة أحوال هي: أ-عـــــدم وجود الجريمة، ب- عدم توافر عناصر الجريمة، ج- عدم بلوغ سن المساءلة الجزائية، وهذه الأحوال تتضمن أموراً موضوعيةً تتعلق بالجريمة والمسؤلية الجزائية تندرج في مجال قانون الجرائم والعقوبات فما الداعي لإيرادها في القانون الإجرائي؟ وهل ترتب آثاراً إجرائيةً جعلت المشرع يذكرها في قانون الإجراءات الجزائية ويعتبرها من الأحوال التي يمتنع فيها تحريك الدعوى الجزائية أو يتعين معها إنهاء إجراءاتها ؟ وما الفرق بين الفقرتين (أ،ب) أي الفرق بين حال (عدم وجود جريمة) وحال (عدم توافر عناصر الجريمة)؟ وما سن المساءلة الجزائية التي يعد عدم بلوغها مانعاً من تحريك الدعوى الجزائية ضد من لم يبلغها؟ فهل هي سن التمييز أم سن البلوغ أم سن المسؤلية الجزائية الكاملة؟ ولماذا لم يذكر المشرع جنون المتهم بجانب عدم بلوغه المساءلة الجزائية في النص المذكور مع أن كليهما من موانع المسئولية الجزائية وإنما اقتصر على ذكر عدم بلوغ سن المساءلة الجزائية؟ 

- من التساؤلات التي قد تخطر بالذهن تلك المتعلقة بالفقرة (د) بقولها: " لسبق صدور حكم في القضية غير قابل للطعن"، فلمَ قال المشرع:" حكم في القضية" ولم يقل" حكم في الدعوى"؟ ولماذا اشترط أن يصير الحكم غير قابل للطعن وليس نهائيا ليمتنع بصدوره العودة إلى تحريك ذات الدعوى التي صدر فيها؟ وهل يعني ذلك أن سبق حكم نهائي أو بات لا يمنع تحريك الدعوى الجزائية حتى يستعمل المشرع وصف غير قابل للطعن؟ وهل هناك دلالة لورود لفظ حكم بصيغة النكرة؟

كذلك الحال بالنسبة للفقرة (هـ) فإن صياغتها يكتنفها نوعٌ من الغموض، فما مراد المشرع بقوله: استنفاذ (بالذال) القرار بألا وجه لطرق طعنه؟ وهل تعني استفاد طرق الطعن (بالدال)؟ وفي أية حالة يستنفذ القرار بالا وجه طرق طعنه وتصير له قوة كقوة الحكم الذي لا يقبل للطعن المذكور في الفقرة (د)؟ وهل من الممكن أن يمنع القرار بألا وجه تحريك الدعوى الجزائية بشكل نهائي وتنقضي بصدوره واستنفاذه طرق طعنه كما جاء في المادة مع أن المتفق عليه أن القرار بأألا وجه مانع مؤقت لإيقاف سير الدعوى الجزائية؟

-ما مراد المشرع ب: (العفو خاص) الذي يمتنع بصدوره تحريك الدعوى الجزائية ويتعين إنهاء إجراءاتها إذا كانت قد بدأت؟ ومن الذي يصدره؟ وهل يمنع صدوره تحريك الدعوى الجزائية في كل الأحول م في دعاوى معينةٍ؟ وهل يجوز العفو في الدعوى الجزائية أو لنقل هل من حق المجني عليه التنازل عن الدعوى الجزائية التي بطبيعتها لا تقبل التنازل كقاعدة عامة ولا يجوز للنيابة العامة التنازل عنها؟ وهل العفو الخاص يعني عفو من صاحب الحق الخاص في الجريمة؟

- ما هدف المشرع من إيراد العفو العام في المادة (42) أ.ج مع أنه قد ذكره في المادة (٥٣٩) من القانون ذاته؟ وهل له أثر في الدعوى الجزائية أم أن له أثر موضوعي ينصب على الجريمة؟

-لماذا لم يذكر المشرع قيد أو شرط الإذن في هذا النص الجامع لأحوال منع تحريك الدعوى الجزائية؟

كل تلك التساؤلات تشير إلى أن نص المادة (42) أ.ج ذو مدلولٍ عميقٍ وأنه نص جوهري وجامع ودقيق في صياغته، ولذلك يحتاج إلى مزيدٍ من التأمل، وللقصة بقية.....

والله أٍسال التوفيق والسداد أن يجعل ما قلته خالصاً لوجهه الكريم.

تمهيد وتقسيم:

حظر المُشرِّع اليمني استعمال الدعوى الجزائية في عددٍ من الأحوال نص عليها بقوله:  "لا يجوز تحريك الدعوى الجزائية، ويتعين إنهاء إجراءاتها إذا كانت قد بدأت في الأحوال الآتية: أ- عند عدم وجود جريمة. ب- إذا لم تتوافر عناصر الجريمة..."([1])، والبين أن الحالين المذكورين يتعلقان بالجريمة وعناصرها، وتلك أمورٌ تدخل في نطاق قانون الجرائم والعقوبات، أي أنها ذات طابعٍ موضوعيٍ إلا أن المُشرِّع اليمني رتّب على توافرها أثرًا إجرائيًا يتعلق بالتصرف في الدعوى الجزائية، وذلك الأمر يثير التساؤلات الآتية: متى ينعدم وجود الجريمة؟ وهل يصح أن تكون جميع الحالات التي تنعدم فيها الجريمة سببًا لحفظ الأوراق دون تحريك الدعوى الجزائية كما يظهر من النص؟ وهل يحق للنيابة العامة إيقاف سير إجراءات الدعوى الجزائية دون رفعها إلى المحكمة للفصل فيها بحكمٍ فاصل في الموضوع لأن الواقعة المسندة للمتهم لا تنطوي على جريمة بحقه أيًا كان السبب؟ من ناحية ثانية: ما الحالات التي لا تتوافر فيها العناصر القانونية اللازمة لتمام الجريمة وهل يجوز للنيابة العامة أن تقرر حفظ الأوراق بدون تحريك الدعوى الجزائية بمباشرة التحقيق متى كانت الاستدلالات التي جُمعت ترشح لتخلف توافر أحد عناصر الجريمة خاصةً أن هذه المسألة من مسائل الموضوع قد تدخل في سلطة المحكمة؟ وهل يحق لها إيقاف سير إجراءات الدعوى الجزائية دون رفعها إلى المحكمة لإصدار حكمٍ فاصل في الموضوع لأنها ترى عدم اكتمال عناصر الجريمة في حق المتهم؟ وهل يعد انتفاء توافر أحد عناصر الجريمة مانعًا من رفع الدعوى الجزائية في كل حالةٍ يُظنُّ فيها ذلك؟     

وللإجابة عن ذلك سيتم بحث توافر كل حالٍ باعتبار يمثل مانعًا من السير في إجراءات رفع الدعوى الجزائية طبقًا لما قرره المشرع اليمني في مبحثٍ مستقلٍ، وعلى النحو الآتي:   

 المبحث الأول:  انعدام وجود جريمة. 

المبحث الثـاني:  انتفاء توافر عناصر الجريمة.

 المبحث الأول

 انعدام وجود جريمة  

وجود جريمةٍ مفترضٌ لازمٌ لنشؤ الحق في الدعوى الجزائية؛ فمن المعلوم أن الجريمة - كواقعةٍ ماديةٍ- تمثل ركن السبب فيه، وإذا كان ركن الشيء جزءٌ منه، لا قيام له إلا به، وبانعدامه ينتفي وجوده، فمعنى ذلك أن عدم وجود جريمةٍ مؤداه: عدم نشوء الحق في الدعوى الجزائية من حيث المبدأ، ونتيجة ذلك أنه لا يمكن استعماله.وبيان حال انعدام وجود جريمةٍ يقتضي الإشارة إلى العناصر المفترضة لوجود أي جريمةٍ، وبيان أثر تحققه على سلطة النيابة العامة في رفع الدعوى الجزائية، وسيتم ذلك في المطلبين الآتيين:المطلب الأول : حالات انعدام الجريمة.

المطلب الثاني : أثر انعدام الجريمة في التصرف في الدعوى الجزائية.


المطلب الأول حالات انعدام الجريمة 

وجود جريمةٍ- أياً كان نوعها- يفترض تحقق مقوماتها الأساسية التي إذا تخلف أحدها لم يكن لها وجودٌ أصلًا، وذلك يقتضي الإشارة إلى هذه المقومات أو مفترضات وجود الجريمة، ثم بيان الحالات التي تنعدم فيها، وسأوضح هذين الأمرين في البندين الآتيين:البند الأول: المقومات الأساسية لوجود الجريمة: وجود الجريمةٍ يفترض توافر عددٍ من العناصر الأساسية التي يترتب على عدم توافر إحداها انتفاء وجود الجريمة أصلًا([2])، ويسميها فقهاء القانون الجنائي الأركان العامة للجريمة([3])، وبيان ذلك في الآتي: المقومات الأساسية للجريمة: بداءةً فإن الجريمة هي فعلٌ غير مشروعٍ صادرٌ عن إرادةٍ جنائيةٍ يقرر له القانون عقوبةً أو تدبيًرا احترازيًا([4])، وبتعبيرٍ مختصرٍ هي: واقعةٌ ماديةٌ يعاقب عليها القانونً([5])، ويتبين من التعريف المذكور أن وجود الجريمةٍ يفترض قيام هذين الأمرين معًا، ولا يكون لها وجودٌ - ماديٌ أو قانونيٌ- عند تخلف أحدهما، وتأسيسًا على ذلك يمكن القول: إن المقومات الأساسية لوجود جريمةٍ هي: نص التجريم، وفعلٌ تقوم به، وفاعلٌ آثمٌ "مجرم"، فإذا تخلف أحد هذه المفترضات لا يمكن الحديث عن وجود جريمةٍ([6])، وسأشير لهذه المقومات كما يلي:   

  •  وقوع فعلٍ منسوبٍ إلى آدميٍ، فلا جريمة إذا لم يرتكب فعلٌ([7])، ونعني بالفعل كمفترضٍ لازمٍ لوجود جريمةٍ: السلوك الإجرامي أيًا كانت صورته، فيشمل النشاط الإيجابي كما يتسع للامتناع([8])، واشتراط نسبة الفعل الإجرامي إلى آدمي أمرٌ تفرضه طبيعة الشريعة والقانون، إذ أن أحكامهما إنما جاءت لتخاطب الآدمي دون غيره من الحيوانات أو الجمادات([9]).

  • كون الفعل المنسوب إلى آدمي ممنوعًا بحكم الشرع والقانون، أي يوجد نصٌ شرعيٌ أو قانونيٌ يجعل الفعل محظورًا ومُعاقبًا عليه، فلا تقوم الجريمة بفعلٍ مشروعٍ([10])، وهذا النص أمرٌ لازمٌ لوجود الجريمة بحيث لا تقوم بدونه، ومن ثم فإن عدم وروده يجعل البحث في العناصر الأخرى لا مبرر له([11])، وورد هذا النص وإن كان يعد عنصرًا أساسيًا لوجود الجريمة إلا أن وروده لا يعني وجودها في كل الأحوال أيضًا؛ إذ قد يتعرض هذا النص لما يوقف أحكامه حال وروده([12])، وهذا ما سيتم بيانه لاحقًا إن شاء الله. 

  • صدور الفعل غير المشروع عن إرادةٍ جنائيةٍ([13])، ذلك أن الجريمة لا توجد بمجرد وقوع الفعل المادي الممنوع شرعًا، ونسبته إلى أحد الأشخاص، وإنما لابد أن يقترن هذا الفعل بنيةٍ إجراميةٍ "إرادة آثمة"([14])، فالجريمة هي: سلوكٌ محظورٌ، وهي إرادةٌ آثمةٌ، تظهر على هيئة عمدٍ أو خطأ، فإذا انعدم العمد، وانعدم الخطأ بكل مراتبه انعدمت الجريمة تمامًا([15]) ومن ثم فقد انعدمت المسئولية الجنائية، لأن ذلك السلوك لا يعد جريمةً جنائيةً.

 البند الثانيانتفاء المقومات الأساسية لوجود الجريمة: الحالات التي ينعدم فيها وجود الجريمة في التشريع اليمني متعددةٌ؛ نظرًا لانتفاء أحد العناصر الأساسية الداخلة في بنيانها القانوني أو المادي، وبيان تلك الحالات في الآتي:

الحالة الأولى: عدم ورود نصٍ قانونيٍ سابقٍ يجرِّم الفعل: لا يمكن الحديث عن وجودٍ قانونيٍ للجريمة بدون نصٍ عقابي([16])، فإن وقع فعلٌ ما ولم يكن قد ورد نصٌ شرعٌي بتحريمه أو نصٌ قانونيٌ بتجريمه، فإنه يكون مباحًا بحكم الأصل العام في: إباحة الأشياء والأفعال حتى يرد النص، وهذا ما نصت عليه المادة (47) من الدستور اليمني بقولها:" لا جريمة ولا عقوبة إلا بنصٍ شرعيٍ أو قانونيٍ...."، وكذلك نصت المادة(2) من قانون الجرائم والعقوبات بقولها:" ...لا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون"ٍ([17])، وعلى كل حالٍ فإن نص التجريم عنصرٌ لازمٌ في تكوين الجريمة، وبدونه لا يمكن تصور وجودها([18]).

 الحالة الثانيةوقوع الفعل مقترنًا بسبب إباحةٍ([19]): لا وجود لجريمةٍ في الفعل إذا اقترن وقوعه بسببٍ مبيحٍ([20])، وسند هذا القول :الدلالة الصريحة لنص المادة (26) من قانون الجرائم والعقوبات اليمني فقد بدأه المُشرِّع بقوله:" لا جريمة إذا وقع الفعل استعمالًا لحقٍ مقررٍ بمقتضى القانون، أو قيامًا بواجبٍ يفرضه القانون، أو استعمالًا لسلطةٍ يخولها"([21])، وقد ورد هذا النص ضمن أسباب الإباحة، بما مؤداه: نقض وإبطال مفعول نص التجريم ومنع سريان حكمه على الفعل الذي وقع مقترنًا بأحد الأسباب الآتية:  أداء الواجب :لا وجود لجريمةٍ في الفعل الذي يقع من الشخص، متى كان وقوعه منه أداءً أو قيامًا بواجبٍ قانونيٍ بحكم الوظيفة التي يؤديها([22]) كفعل القتل الواقع من منفذ الأحكام القضائية، أو واقعة تقييد حرية الشخص تنفيذًا لأمرٍ قضائيٍ ساري المفعول صادرٍ من المختص قانونًا، وقد قررت عددٌ من التشريعات أن أداء الواجب ينفي عن الفعل وصف الجريمة([23]). استعمال سلطةٍ قانونيةٍ: لا وجود لجريمةٍ في الفعل الذي يقع من الشخص بموجب السلطات التي يمنحها له القانون بالنظر إلى المركز الوظيفي الذي يشغله.  استعمال الحق :لا جريمة في الفعل الذي يقع من الشخص متى كان وقوعه استعمالًا لحقٍ شرعيٍ أو قانونيٍ([24])، وكذلك الفعل الذي يقع من الشخص في حالة الدفاع الشرعي حال الاعتداء على نفسه أو ماله أو عرضه([25])، ولو كان هذا الفعل قتلًا عمدًا، شرط ثبوت قيام حالةٍ من حالات الاعتداء غير المشروع المنصوص عليها في المواد (26، 27، 28) عقوبات يمني. 

الحالة الثالثة: عدم وقوع فعلٍ تقوم به الجريمة: من المسلم به :أنه لا جريمة بدون فعلٍ([26])، إذ النوايا لا تدخل في مجال التجريم والعقاب، وقد عبَّرت عن هذه الحالة المادتين(263/د/1، 264) من تعليمات النيابة العامة، حيث نصت أولاهما بالقول:" إذا كان الفعل المكون للركن المادي للجريمة لم يقع في الحقيقة.."، ونصت ثانيهما على أنه:" إذا أُبلغ عن حادثٍ وثبت أن الواقعة المُدعى بها لم تقع أصلًا..." أي لا توجد جريمةٌ نهائيًا، وتتحقق هذه الحالة عملًا في حال انعدام أدلة وقوع الجريمة. 

الحالة الرابعة: وقوع الفعل الذي تقوم به الجريمة من المجني عليه نفسه: بمعنى أن ذلك الفعل لا يُعد جريمةً في حق أحدٍ، بل إن المجني عليه هو من أجرم في حق نفسه وعليه تنعدم الجريمة في هذا الفعل كقاعدةٍ عامةٍ([27])، ويتحقق ذلك عملًا في حال انعدام أدلة إسناد الجريمة إلى الغير، فإذا تبين من التحقيق أن الفعل المبلغ عنه من عمل المجني عليه نفسه بقصد اتهام شخصً آخر تعين إصدار أمرٍ بالحفظ أو قرارٍ بألا وجهٍ لإقامة الدعوى لعدم الصحة وفقًا الفقرة (د) من المادة(263) من تعليمات النيابة العامة.  

الحالة الخامسة: انعدام الركن المعنوي: لا تقوم الجريمة إلا إذا توافر لها عنصرٌ معنويٌ قائمٌ على العمد أو الخطأ غير العمدي، ويمثل الخطأ غير العمدي أدنى مراتب الركن المعنوي في الجريمة بحيث إذا تخلف انعدمت الجريمة تمامًا([28])، حيث لا تقوم مسئولية الشخص عن الجريمة إلا إذا ارتكبها قصداً (عمداً) أو بإهمالٍ طبقًا لما نص عليه المُشرِّع اليمني في المادة (8) من قانون الجرائم والعقوبات. المطلب الثانيأثر انعدام الجريمة في التصرف في الدعوى الجزائيةتقدم بيان الحالات التي ينعدم فيها وجود الجريمة والمتمثلة في تخلف مقوماتها الأساسية، ٍوفي هذا المطلب سيتم مناقشة أثرها في التصرف رفع الدعوى الجزائية، وقد أجمل المُشرِّع اليمني ذلك الأثر الإجرائي بقوله:" لا يجوز تحريك الدعوى الجزائية ويتعين إنهاء إجراءاتها...عند عدم وجود جريمةٍ"، والفرض هنا أن الدعوى الجزائية لم ترُفع بعد ولا زالت في حوزة النيابة العامة، لذلك يتعين عليها إيقاف سيرها وإنهاؤها قبل إحالتها للمحاكمة، فالنهي عن تحريك الدعوى موجهٌ إليها، وتختلف الوسيلة القانونية لذلك بحسب ما إذا ما إذا كان الإنهاء قبل مباشرة التحقيق فيها أو بعد مباشرته([29])، وعليه سيتم مناقشة أثر انعدام الجريمة في التصرف برفع الدعوى الجزائية في البندين الآتيين:

 البند الأول: عدم جواز تحريك الدعوى الجزائية لعدم وجود جريمة: سبق القول: إن حق النيابة العامة في تحريك الدعوى الجزائية رهنٌ بوقوع الجريمة، ومؤدى ذلك أنه عند وجود عدم جريمةٍ لا يجوز تحريكها، فإذا تبين للنيابة العامة من مطالعة محاضر جمع الاستدلالات انتفاء وقوع الجريمة، ورأت أنه لا مجال للسير في الدعوى الجزائية تعين عليها إيقاف الإجراءات دون تحريك الدعوى الجزائية إعمالًا للحظر الوارد في نص المادة (42) أ.ج: بالقول" لا يجوز تحريك الدعوى الجزائية" عند عدم وجود جريمةٍ"، ووسيلتها القانونية في ذلك هو: الأمر بحفظ الأوراق، فهذا الأمر مضمونه أنها لا تنوي تحريك الدعوى الجزائية، وهذا يدعو للتعرف على ماهية هذا الأمر وطبيعته القانونية؟ وهل يصح أن تكون جميع الحالات – المبينة سلفًا- التي تنعدم فيها الجريمة سببًا لإصداره؟ أولًا: تعريف الأمر بحفظ الأوراق وطبيعته القانونية: الأمر بحفظ الأوراق هو:" أمرٌ إداريٌ من أوامر التصرف في الاستدلالات تصدره النيابة العامة لتصرف به النظر – مؤقتًا- عن إقامة الدعوى أمام محكمة الموضوع بغير أن يحوز حجية تقيدها"([30])، كما عُرّف بأنه:" إجراءٌ إداريٌ تصدره النيابة العامة بناءً على محضر جمع الاستدلالات لتصرف به النظر – مؤقتًا- عن تحريك الدعوى الجنائية أمام قضاء الحكم لعدم صلاحيتها للسير فيها"([31]). وعرَّف جانبٌ من الفقه الفرنسي أمر الحفظ بأنه: أمرٌ بعدم الملاحقة الجنائية للاعتبارات التي تقدرها النيابة العامة يصدر عنها بصفتها سلطة اتهام، وهو لا يكسب حقًا، ولا يحوز حجيةً، ويجوز العدول عنه من ذات وكيل الجمهورية الذي أصدره أو بناءً على أوامر الرؤساء([32]). وأمر الحفظ هو قرارٌ بعدم تحريك الدعوى الجزائية ذو طبيعةٍ إداريةٍ، ولا يعد إجراءً قضائيًا([33])، فهو يصدر عن النيابة العامة بصفتها سلطة استدلال مخولةً بالتصرف في التهمة، لا بصفتها سلطة تحقيقٍ([34]). ثانيًا: عدم وجود جريمة كسبب للأمر بحفظ الأوراق: سبق بيان أن حال عدم وجود جريمةٍ يتحقق: في حالة انتفاء وقوع الفعل المكون لركنها المادي أو في حالة عدم وجود فاعلٍ آخرٍ له سوى المجني عليه، وفي هاتين الحالتين يجوز للنيابة العامة أن تقرر حفظ القضية قبل تحريكها –إعمالًا للحكم الوارد في بداية نص المادة(42) أ.ج وهو أنه:" لا يجوز تحريك الدعوى الجزائية"..، ويكون ذلك بإصدار أمرٍ بحفظ الأوراق لعدم الصحة طبقًا لنص المادة (263) من تعليمات النيابة العامة التي نصت على أنه:" إذا رأت النيابة حفظ الأوراق بعد جمع الاستدلالات تكون صيغة الأمر: ...  لعدم الصحة ويكون: 

 1- إذا أُبلغ عن حادثٍ وثبت أن الواقعة المدعى بها لم تقع أصلاً.  2- أن يقع فعلٌ ويُتهم شخصٌ بارتكابه ثم يتضح من التحقيق أن الفعل من عمل المجني عليه نفسه بقصد اتهام ذلك الشخص"، ويكون الحفظ في الحالتين السابقتين نهائيًا([35])، وهذا ما ذهب إليه الفقه العربي: حيث يرى أن الأمر بالحفظ لعدم الصحة يصدر إذا تبين للنيابة العامة من الأوراق عدم حدوث الواقعة أصلًا، أي ثبوت عدم صحة الواقعة المسندة للمتهم كما في  الاتهامات الكيدية([36]) كما أن حال عدم وجود جريمة يتحقق كذلك متى كانت الواقعة التي حصلت فعلًا لا تنطوي على جريمةٍ بسبب عدم تجريمها أصلاً أو لاقترانها بسبب إباحةٍ([37])، وفي هاتين الحالتين أجاز المُشرِّع اليمني للنيابة العامة إصدار الأمر بحفظ الأوراق لعدم الجريمة، ويكون الأمر في الحالتين نهائيًا إعمالًا لنص المادة(112) أ.ج([38]).  

وتبقى الإجابة عن التساؤل المطروح وهو: هل يصح أن تكون جميع حالات انعدام الجريمة سببًا لإصدار الأمر بحفظ الأوراق؟ والإجابة عنه في الآتي: تحليل ومناقشة: مما ينبغي مناقشته مسألة عدم وجود الجريمة لتوافر سببٍ إباحة كحالة الدفاع الشرعي أو أداء الواجب، فهل يجوز للنيابة العامة في هذه الحالة أن تقرر حفظ الأوراق بدون تحريك الدعوى الجزائية بمباشرة التحقيق متى كانت الاستدلالات التي جُمعت ترشح لتوافر هذا السبب، خاصةً أن هذه المسألة من مسائل الموضوع التي تدخل في سلطة المحكمة؟ ذهب جانبٌ الفقه إلى أنه في حال توافر سببٍ يصير معه الفعل مباحًا تمامًا مثل الأفعال غير المجرَّمة يجب وقف تحريك الدعوى تجاه المتهم أو إنهاء الاستمرار في إجراءاتها إذا سبق تحريكها ضده([39])، وهذا الرأي على إطلاقه محل نظرٍ؛ ذلك أن التصرف يخضع لقوة سبب الإباحة، وظروف الواقعة، فإن كان سبب الإباحة ظاهرٌ وأدلته قاطعةٌ حقَّ للنيابة العامة الأمر بحفظ الأوراق، وإن كان الأمر يتراوح بين ثبوت سبب الإباحة والتجاوز فيه أعتقد من الأصوب تحريك الدعوى الجزائية عن الواقعة، بل ورفعها للمحكمة ليفصل فيها بحكمٍ قضائيٍ، والله أعلم.  البند الثانيإيقاف إجراءات رفع الدعوى الجزائية لعدم وجود جريمة: إذا قررت النيابة العامة تحريك الدعوى الجزائية باتخاذ إجراءات التحقيق، ثم تبين لها عدم وجود جريمةٍ في هذه الحالة يجب إنهاء إجراءاتها، ومقتضى ذلك عدم رفعها إلى المحكمة، فما هي الوسيلة لإنهاء إجراءات الدعوى الجزائية وهى لازالت في حوزة النيابة العامة؟الجواب: إذا تحركت الدعوى الجزائية وثبت عدم وجود جريمةٍ يجب على النيابة العامة إيقاف السير فيها، ويكون ذلك بإصدار قرارٍ بألا وجه لإقامة الدعوى الجزائية([40])، وهذا الحكم بينته المادة (218) أ.ج.ي بقولها:" إذا تبين للنيابة العامة بعد التحقيق أن الواقعة لا يُعاقب عليها القانون أو لا صحة لها تصدر أمرًا مسببًا بألا وجه لإقامة الدعوى نهائيًا.."، وابتناء هذا القرار على عدم وجود جريمة يكون على النحو الآتي:  القرار بألا وجه لإقامة الدعوى الجزائية نهائيًا لعدم الصحة إذا تبين أن الواقعة لم تقع نهائيًا، أو لا صحة لها وفقًا لما نصت عليه المادة (263) من تعليمات النيابة العامة.  القرار بألا وجه لإقامة الدعوى الجزائية لعدم الجريمة نهائيًا كون الفعل لا يعاقب عليه القانون بطبيعته لعدم ورود نصٍ عقابيٍ بشأنه، بمعنى عدم وجود جانبٍ جنائيٍ فيه، أو لإباحته بسببٍ من أسباب الإباحة وفقًا لنص المــادة(263) من تعليمات النيابة العامة. ومجمل القول: إنه إذا تبين من التحقيق عدم وجود جريمةٍ يجب على سلطة التحقيق إصدار قرارٍ بإنهاء السير في إجراءات الدعوى الجزائية، كون الأحوال المذكورة تشكل أسبابًا موضوعيةً للقرار بألا وجه لإقامة الدعوى نهائيًا([41]). 

  ومما يجب الإشارة إليه في هذا الأمر: أن عبارة " الواقعة لا يُعاقب عليها القانون" الواردة في المادة (218) أ.ج - كسببٍ للقرار بألا وجه لإقامة الدعوى نهائيًا- تتسع لتشمل جميع الأحوال التي يمتنع فيها معاقبة الفاعل كما فسرها الفقه العربي([42])، ومن ذلك عدم العقاب لتوافر سببٍ من أسباب الإباحة، وقد اعتبره الفقهاء من الأسباب القانونية الموضوعية للتقرير بألا وجه لإقامة الدعوى الجزائية؛ لأن أسباب الإباحة ترتب أثرًا إجرائيًا يتمثل في وقف السير بإجراءات الدعوى تجاه من توافر له سببٌ مبيحٌ، وأن كان ذلك رهنٌ بتوافر كل الشروط المقررة لكل سببٍ على حدةٍ، مما يتطلب من سلطة التحقيق التثبت من قيام هذه الأسباب على نحو ما تقرره نصوص القانون، وهذا يستلزم منها التحقق من تلك الشروط، وهو مما يدخل في اختصاصها، فهي تبحث في كافة الظروف والوقائع المطروحة بها الدعوى، فإذا توصلت من تلقاء نفسها الى قيام أحد الأسباب التي ترفع عن الفعل الصفة الإجرامية فإنه ينبغي عليها بعدئذٍ التحقق من الشروط المقررة قانونًا لقيام السبب المبيح([43])، أي أن الأمر يقتضي أولًا التحقق من قيام السبب المبيح للجريمة، وثانيًا البحث في شروطه([44]). والحال كذلك في التشريعين المصري والفرنسي، إذا تبين لقاضي التحقيق – بعد البدء فيه- عدم وجود جريمةٍ سواءً؛ لأن الواقعة التي حققها لا تندرج تحت وصف الجريمة في أي من القوانين الجنائية، أو إذا تبين له وجود سببٍ مبيحٍ  تعين عليه إصدار أمر بألا وجه لإقامة الدعوى([45]).      

المبحث الثاني انتفاء توافر عناصر الجريمة  

   من المعلوم أن الجريمةٍ لا تقوم إلا إذا توافرت كافة عناصرها، فإذا تحقق بعضها وتخلف أحدها نكون إزاء واقعةٍ لا تتوافر فيها عناصر الجريمة، وإذا تحقق هذا الحال فقد رتَّب المُشرِّع اليمني أثرًا إجرائيًا يتمثل في عدم جواز تحريك الدعوى الجزائية عن تلك الواقعة التي لا تتوافر فيها العناصر التي تطلبها القانون لقيام الجريمة، وإذا تحركت أوجب إنهائها، ولمعرفة متى يتحقق توافر هذا الحال يتعين – بدايةً - توضيح عناصر الجريمة في قانون الجرائم والعقوبات اليمني كمقدمةٍ ضروريةٍ لاستظهار حال انتفاء توافرها، وهذا ما سيتم تناوله في المطلب الأول.     

ولما كانت الدعوى الجزائية لا تُرفع إلا على الشخص الذي حقق بسلوكه عناصر الجريمة، أي المنفذ للجريمة والمساهم، فإذا كان هذا السلوك لا ينطوي على كافة عناصر الجريمة، فما أثر ذلك في التصرف برفع الدعوى الجزائية؟ والإجابة عن ذلك في المطلب الثاني؛ وعلى ذلك سيتم تقسيم هذا المبحث إلى المطلبين الآتيين:

المطلب الأول: عناصر الجريمة وأسباب انتفائها.

المطلب الثاني: أثر تخلف عناصر الجريمة في التصرف في الدعوى الجزائية.

المطلب الأول عناصر الجريمة وأسباب انتفائها 

من المتفق عليه: أن الجريمة تقوم على مجموعةٍ من العناصر المادية والمعنوية، ولا يكتمل بنيانها القانوني إلا بتوافرها مجتمعةً، فإن تخلف بعضها تحقق (المانع) محل المناقشة، وهنا نطرح تساؤلاً: ماهي عناصر الجريمة في التشريع اليمني التي جعل المُشرِّع الإجرائي من انتفاء توافرها مانعًا من استعمال الدعوى الجزائية؟ 

الإجابة عن التساؤل المطروح تتطلب بيان هذه العناصر وأسباب انتفائها، وسيتم ذلك في البندين الآتيين:

البند الأول: عناصر الجريمة في التشريع اليمني: عناصر الجريمة يقصد بها: كافة الأمور المحددة في نص التجريم التي يجب تحققها على الواقع لقيام الجريمة بوصفٍ معينٍ([46])، حيث أنه لكل جريمةٍ نصٌ خاصٌ يجرِّمها، ويحدد عناصرها وشروط قيامها تطبيقًا لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات([47])، وهذا النص قد يرد في قانون الجرائم والعقوبات العام أو في القوانين العقابية التكميلية أو الخاصة، وقد بيًن المُشرِّع اليمني عناصر الجريمة في الفصل الأول والذي أسماه بــ(عناصر الجريمة)([48])، وهي: 

 أولًا: العناصر المادية للجريمة: يقصد بها: كل الوقائع المادية التي تدخل في البنيان الواقعي للجريمة التي لا تنهض بدونها، أو تلزم لتمامها، أو لإسباغ وصفٍ محددٍ عليها([49])، ويطلق عليها في الفقه عناصر الركن المادي، وأشير إليها بإيجازٍ كما يلي:    للجريمة ثلاثة عناصر مادية هي: الفعل الذي تقوم به الجريمة، والنتيجة التي يمنع القانون تحققها، وعلاقة السببية بين هذا الفعل وتلك النتيجة، وأشارت لهذه العناصر المادة (7) من قانون الجرائم والعقوبات اليمني بقولها:" لا يُسأل الشخص عن جريمةٍ يتطلب القانون لتمامها حدوث نتيجةٍ معينةٍ إلا إذا كان سلوكه فعلًا أو امتناعًا هو السبب في وقوع هذه النتيجة....". ومن نافلة القول: أن العناصر المادية هي التي تميز كل جريمةٍ عن الأخرى، وتحدد ذاتيتها، وأن عنصري الفعل والنتيجة يختلفان باختلاف طبيعة الجريمة، ويتحددان من خلال النص العقابي الخاص بها، وبتحققهما معًا وارتباطهما بعلاقةٍ سببيةٍ تقوم الجريمة تامةً، وعند عدم تحقق النتيجة تقوم جريمة الشروع وهي تعد جريمةً مستقلةً بذاتها.  

ثانيًا: العنصر المعنوي للجريمة: العنصر المعنوي للجريمة يُقصد به: الرابط النفسي بين الجريمة وفاعلها، وهذا العنصر يظهر في صورتين هما([50]): العمد أو الخطأ، وسأبينهما في الآتي:  

الصورة الأولى: العمد (القصد الجنائي): ويمثل العنصر المعنوي للجريمة العمدية، ويتحقق العمد وفقا للمادة (9) عقوبات في حالتين: 

الحالة الأولى :إذا ارتكب الجاني الفعل بإرادته وعلمه وبنية إحداث النتيجة الإجرامية " أي راغبًا في حدوثها"، والحالة الثانية: تقوم إذا توقع الجاني النتيجة المترتبة على فعله وارتكبه قابلًا حدوث هذه النتيجة، ومفاد ما ذُكر آنفًا هو: أن عنصر العمد يعتبر متوافرًا في حال إرادة الفاعل للنتيجة التي وقعت أو في حال توقعه لها والقبول بحدوثها والأصل أن يتحقق القصد الجنائي في إحدى حالتيه المُشار اليهما، ويسمى القصد الجنائي العام. 

وللقصد الجنائي في بعض الجرائم العمدية شكلٌ آخرٌ هو القصد الجنائي الخاص، ومحله عندما يرد نصٌ يجعل الجريمة غير متحققةٍ إلا إذا كان الفاعل قد أقدم عليها برغبةٍ إضافيةٍ منصرفةٍ إلى أمرٍ لا يُعد من عناصر الجريمة، واشتراط هذه الرغبة يدل على أن الجريمة لا تنهض إلا توافرت([51])، فإذا لم يثبت فلا تتوافر عناصر تلك الجريمة([52])، أي أن الجرائم التي اشترط القانون قصدًا خاصًا لقيامها لا ينهض ركنها المعنوي إلا إذا توافرت هذه النية([53])، ولا يكون القصد الجنائي الخاص مطلوبًا إلا حين يشترط القانون توافره([54]). 

الصورة الثانية: الخطأ غير العمدي: ويمثل العنصر المعنوي للجريمة غير العمدية، ويتوافر الخطأ غير العمدي إذا تصرف الجاني عند ارتكابه للفعل على نحوٍ لا يأتيه الشخص العادي إذا وُجد في ظروفه، وذلك بأن اتصف فعله بالرعونة أو التفريط أو الإهمال أو بعدم مراعاة القوانين واللوائح والقرارات، ويتحقق كذلك –الخطأ - إذا لم يتوقع الجاني عند ارتكابه للفعل الذي تقوم به الجريمة النتيجة التي وقعت، وكانت باستطاعة الشخص العادي أن يتوقعها أو توقعها وحسب أن بإمكانه أن يتلافاها، وعمل الاحتياطات اللازمة التي قدَّر أنها تكفي لتجنبها، ولكنها وقعت([55])

بعد بيان عناصر الجريمة، سيتم مناقشة الحالات التي لا تتوافر فيها في البند التالي.

البند  الثاني: الأسباب التي  تنفي عناصر الجريمة: المقرر في التشريع اليمني أن تحريك أو رفع الدعوى الجزائية يشترط انتفاء توافر الأسباب التي تنتفي معها عناصر الجريمة، وقد نص المُشرِّع اليمني على عددٍ من الأسباب التي تستبعد تلك العناصر، وتتعدد هذه الأسباب تبعًا لارتباطها بعنصر الجريمة الذي تهدمه، وهذه الأسباب هي:أولًا: الأسباب التي تنفي توافر العناصر المادية للجريمة: وتتمثل في الأسباب الآتية: 

السبب الأول :الإكراه والقوة القاهرة: ينتفي وقوع الفعل الإجرامي من فاعله إذا صدر عنه تحت تأثير الإكراه المادي أو القوة القاهرة، وانتفاء نسبة الفعل إلى فاعله في هذه الحالة يُفهم من نص المادة (35(  من قانون الجرائم والعقوبات اليمني بقوله": لا يرتكب جريمةً من وقع منه الفعل المكون لها تحت ضغط إكراهٍ ماديٍ يستحيل عليه مقاومته أو بسبب قوةٍ قاهرةٍ، ويكون فاعل الإكراه مسئولًا عن الجريمة التي وقعت...." وترتيبًا على ذلك :لا تتوافر عناصر الجريمة بحق الفاعل "المكرَه"، وتتقرر المسئولية الجزائية عن الجريمة الناشئة عن فعل المكرَه على المكرِه عملا ًبالحكم الوارد في ذات المادة([56])، ومفاد ذلك أنه: لا يعتبر الفعل واقعًا من فاعله، بل من المكرِه، أي تنعدم النسبة المادية بين الفعل وفاعله، والعلة لهذا الانتفاء أن المكرًه يعتبر في حكم الأداة أو الآلة بيد المكرِه- بالكسر([57]). 

السبب الثــاني: دخول عاملٍ آخرٍ يترتب عليه انقطاع علاقة السببية بين الفعل والنتيجة: من المقرر أن علاقة السببية عنصرٌ لازمٌ لقيام الجريمة، وتقوم هذه العلاقة متى كان من المحتمل طبقًا لما تجري عليه الأمور في الحياة عادةً أن يكون سلوك الجاني سببًا في وقوع النتيجة، ويُفهم من ذلك أن هذا العنصر لا يتوافر متى كان الفعل الواقع لا يؤدي حسب المعتاد وفي كل الأحوال إلى النتيجة التي حصلت، كما تنتفي- أو تنقطع- علاقة السببية بين الفعل والنتيجة إذا تداخل عاملٌ آخرٌ كوقوع فعٍل من شخصٍ آخرٍ يكون كافيًا بذاته لأحداث النتيجة التي حصلت([58])، عندئذٍ تقتصر مسئولية الشخص الأول عن سلوكه إذا كان القانون يجرِّمه مستقلًا عن النتيجة، أي وإن لم يؤدِ إلى نتيجةٍ. 

 السبب الثالث: قصور الفعل الواقع عن تحقيق عناصر الجريمة الواردة في نص التجريم: لا تتوافر عناصر الجريمة إذا لم يحققها الجاني بسلوكه، بأن كان فعله قاصرًا عن تحقيق هذه العناصر التي يشترطها القانون لقيام الجريمة، ويظهر هذا الحال بوضوحٍ في الجرائم التي يشترط القانون لقيامها توافر قصدٍ جنائيٍ خاصٍ لدى الفاعل، ومثال ذلك: جريمة التخابر مع دولةٍ أجنبيةٍ يشترط القانون لقيامها أن يكون من شأن ذلك التخابر الإضرار بمركز الجمهورية الحربي أو السياسي، فإذا لم يكن من شأن ذلك الفعل الواقع الإضرار بما ذُكر، كما لو أدلى بمعلومات لدى دولةٍ عن وقوع جرائم في تلك الدولة فلا يحقق فعله هذا عناصر جريمة التخابر المقررة بنص المادة (128) عقوبات. 

 السبب الرابع: العدول الاختياري من الفاعل يجعل فعله الذي وقع لا تتوافر به عناصر جريمة الشروع. 

السبب الخامس: تخلف النتيجة في الجرائم ذات النتيجة:

 لا تتوافر عناصر الجريمة التي يتطلب القانون لتمامها حدوث نتيجةٍ معينةٍ على وجه التحديد إذا لم تتحقق على الواقع النتيجة المحددة قانونًا لقيام الجريمة التامة، ولكن قد ينجم عن ارتكاب الفعل – مجردًا– قيام جريمةٍ أخرى أقل عقوبةً مثل جريمة الشروع، وفي هذه الحالة الأخيرة تتوافر عناصر هذه الجريمة، ولا يتحقق قيام الشرط السلبي. ثانيًا: الأسباب التي تنفي توافر العنصر المعنوي للجريمة: 

ينتفي العنصر المعنوي للجريمة (القصد الجنائي والخطأ غير العمدي) لدى الشخص الذي ارتكب الفعل، ولا يُسأل عنه مسئوليةً جنائيةً رغم أن فعله تترتب عليه نتيجةٌ إجراميةٌ إذا توافر أحد الأسباب الآتية  :

 السبب الأول: العيب العقلي بسبب جنونٍ أو عاهةٍ عقليةٍ أو زوال العقل لتناول مواد مسكرةٍ أو مخدرةٍ بغير اختياره أو بسبب الإغماء والغيبوبة أو بسبب النوم وغيره([59]). 

السبب الثاني: صغر السن :

السبب الثالث: الضرورة والإكراه المعنوي: لا يتوافر القصد الجنائي والخطأ غير العمدي لدى الفاعل إذا ارتكب الفعل المكون للجريمة مضطرًا للوقاية من خطرٍ جسيمٍ محدقٍ لم يكن في قدرته منعه بوسيلةٍ أخرى مناسبةٍ غير الفعل الذي ارتكبه، ولا يعتبر في حالة ضرورة من أوجب عليه القانون مواجهة هذا الخطر([60]).

 السبب الرابع: عدم توافر عناصر الجريمة العمدية بسبب الغلط في الوقائع والقانون :ينتفي القصد الذي تقوم عليه الجريمة العمدية إذا وقع الفعل بناءً على غلطٍ في واقعةٍ تعد عنصرًا من العناصر الأساسية لقيام الجريمة، أو إذا وقع هذا الفعل بناءً على غلطٍ في ظرفٍ لو تحقق كما كان يعتقد الفاعل لكان الفعل مباحًا([61]). 

السبب الخامس: عدم توافر عناصر الجريمة غير العمدية: ينتفي الخطأ الجنائي ولا يُسأل الشخص مسئوليةً جزائيةً - ولو كانت مسئوليةً خطيئةً- إذا لم يكن في إمكان الفاعل توقع النتيجة التي تحققت بسبب الفعل الذي ارتكبه، فإذا كانت النتيجة التي حدثت ليس في إمكان الشخص المعتاد توقعها فهنا تخرج عن دائرة المسئولية الجنائية نهائيًا لانعدام الخطأ غير العمدي وهو أدنى صور الركن المعنوي للجريمة([62])

 المطلب الثاني أثر تخلف أحد عناصر الجريمة في التصرف في الدعوى الجزائية     إذا كانت الواقعة لا تنطوي على كافة العناصر اللازمة لتمام الجريمة، لم يعد ثمة داعٍ للعقاب عليها، ومقتضى ذلك انتفاء مبرر رفع الدعوى الجزائية، وذلك يستدعي البحث عن أثر انتفاء عناصر الجريمة في رفع الدعوى الجزائية، وسأبين في البندين الآتيين:

البند الأول: منع تحريك أو رفع الدعوى الجزائية لانتفاء عناصر الجريمة:  إذا لم تتوافر عناصر الجريمة في الواقعة فلا يُعاقب عليها، ويتعين عندئذٍ إنهاء إجراءات الدعوى الجزائية بشأنها، ووسيلة النيابة العامة في ذلك هي:الأمر بحفظ الأوراق لعدم الجريمة: إذا رأت النيابة العامة أن لا مجال لتحريك الدعوي الجزائية لعدم توافر عناصر الجريمة، يتعين عليها أن تأمر بحفظ الأوراق لعدم الجريمة، وذلك يشمل كل الظروف التي تدخل على أحد أركان الجريمة فتعدمه، ومثال ذلك موانع المسئولية([63])، وتقوم النيابة العامة بحفظ الأوراق في حالة عدم اكتمال عناصر الجريمة.

 القرار  بألا وجه لإقامة الدعوى الجزائية لعدم الجريمة: إذا تبين للنيابة العامة بعد التحقيق أن الواقعة لا يعاقب عليها القانون لعدم توافر أي عنصرٍ من عناصر الجريمة تعين عليها إنهاء إجراءات التحقيق، ووسيلتها في ذلك إصدار قرارٍ بألا وجه لعدم الجريمة، وهذا ما يمكن استنتاجه من نص المادتين: (42/ب) (218/1) أ.ج والفقرة (ج) من المادة (263) من تعليمات النيابة العامة، وهذا القرار يعد نهائيًا بطبيعته لابتنائه على سببٍ عينيٍ يتعلق بالواقعة، وغالبًا لا يُكتشف عدم اكتمال البنيان القانوني للجريمة إلا بعد مباشرة التحقيق، وفي الفقه العربي يسمى الأمر بألا وجه لعدم الجناية، ويصدر في كل الأحوال التي تتبين فيها سلطة التحقيق انتفاء أحد أركان الجريمة([64]) 

.البند الثاني: سلطة النيابة العامة في إنهاء إجراءات رفع الدعوى الجزائية لانتفاء أحد عناصر الجريمة: قرر المشرع اليمني إنهاء إجراءات الدعوى الجزائية لانتفاء عناصر الجريمة بصورةٍ مطلقةٍ في أي مرحلةٍ كانت عليها([65])، وهذا التوجه يجعلنا نتساءل: هل يعد انتفاء توافر أحد عناصر الجريمة مانعًا من رفع الدعوى الجزائية في كل حالةٍ يُظنُّ فيها ذلك ولأي سببٍ كما يفهم من ظاهر النص؟ وهل يحق للنيابة العامة إيقاف سير إجراءات الدعوى الجزائية دون رفعها إلى المحكمة للفصل فيها بحكمٍ فاصل في الموضوع لوجود احتمالٍ راجحٍ لديها بعدم اكتمال عناصر الجريمة في حق المتهم؟  

 الجواب: تقدم القول: إن المُشرِّع اليمني قد نصَّ على عددٍ من الأسباب التي تستبعد أحد عناصر الجريمة، وتتعدد هذه الأسباب تبعًا للعنصر الذي تهدمه، فبعضها تنتفي بها العناصر المادية للجريمة وبعضها الآخر ينتفي بها العنصر المعنوي لدى مرتكبها، ولذلك يتعين التفرقة بينها من حيث أثرها في رفع الدعوى الجزائية بالنظر إلى طبيعة كل سببٍ على حدةٍ، وعلى التفصيل الآتي:  

الاحتمال الأول: إذا كان انتفاء توافر عناصر الجريمة راجعًا لسببٍ موضوعيٍ صِرْفٍ كالإكراه والضرورة والقوة القاهرة لا يجوز للنيابة العامة في هذه الحالة الأمر بحفظ الأوراق أو إصدار قرارٍ بألا وجهٍ؛ بل يتعين عليها رفع الدعوى الجزائية إلى المحكمة، لأن ذلك أمرٌ يتعلق بموضوع الدعوى تختص بالفصل فيها محكمة الموضوع([66]). 

الاحتمال الثاني: إذا كان السبب الموضوعي المؤدي لعدم توافر عناصر الجريمة قد رتَّب عليه المشرع أثرًا إجرائيًا بنصٍ صريحٍ كصغر السن والجنون الذين ينعدم بهما العنصر المعنوي للجريمة([67])، فيجوز للنيابة العامة في هذه الحالة إيقاف السير في إجراءات رفع الدعوى الجزائية وإصدار قرارٍ بألا وجه لإقامتها، والله أعلم.

 الخاتمة: 

 بناءً على ما تقدم، يمكن أن نستخلص الآتي: 

  ([1]) الفقرتان الأُولى والثانية من المادة (42) أ.ج تضمنتا أحوالًا سلبية يشترط انتفائها لاستمرار السير في الدعوى الجزائية، وإذا كان انتفاء النفي هو الثبوت، وانتفاء العدم يعني الوجود وفقًا للقاعدة المنطقية بأن :نفي النفي إثبات" فيصير اشتراط انتفاء حال" عند عدم وجود جريمة" كشرطٍ سلبيٍ بمعنى وجود جريمةٍ، "، أما انتفاء حال" إذا لم تتوافر عناصر الجريمة" فيصير معناه ثبوت توافر عناصر الجريمة، من ناحيةٍ ثانيةٍ: يتبين إن الحالين المذكورين في الفقرتين ( أ، ب ) يفيدان العدم والنفي وكلاهما حالٌ سلبيٌ (أمرٌ غير وجودي)، لكن توافر أي حالٍ منها يوجب إنهاء إجراءات الدعوى الجزائية، فإذا  كان ذلك قبل رفعها تعين التوقف عنه، بما مؤداه: أن رفع الدعوى الجزائية يشترط انتفائها.   



 ([2]) د. عبد الرءُوف محمد مهدي، شرح القواعد العامة لقانون العقوبات، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية، القاهرة 2007م، ص359، د. أحمد شوقي أبو خطوة، شرح الأحكام العامة لقانون العقوبات لدولة الإمارات العربية المتحدة، الجزء الأول، دار النهضة العربية، القاهرة، 1989، ص124. 

([3]) د. محمود نجيب حسني، شرح قانون العقوبات، القسم العام، النظرية العامة للجريمة ..، الطبعة الثامنة، دار النهضة العربية، 2018م، ص47، د. عبد الرءُوف محمد مهدي، نفس المرجع، ص359،  د. أحمد شوقي أبو خطوة، نفس المرجع، ص121، د. محمد زكي أبو عامر، قانون العقوبات، القسم العام، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، ص42، د. علي حسن الشرفي، شرح قانون الجرائم والعقوبات اليمني، النظرية العامة للجريمة، الطبعة الثالثة، أوان للخدمات الإعلانية صنعاء، ص99. 

([4]) د. محمود نجيب حسني، نفس المرجع، ص40، د. أحمد شوقي أبو خطوة، نفس المرجع، ص115 والجريمة في الفقه الشرعي هي: إما إتيان فعلٍ منهيٍ عنه أو ترك فعلٍ مأمورٍ به، وأن الفعل والترك لا يعتبر بذاته جريمةً إلا إذا كان معاقبًا عليه، المستشار/ عبدالقادر عودة، المرجع السابق، ص 112. 

([5]) الجريمة عرَّفت في التشريع السوداني بأنها: " كل فعلٍ معاقبٍ عليه بموجب أحكام القانون".، انظر ذلك: نص المادة (3) من القانون الجنائي  لسنة 1991م. 

([6]) مفترضات وجود جريمةٍ تشترك فيها جميع الجرائم، ويجب أن تتوافر لكل جريمةٍ أيًا كانت طبيعتها، فإذا انتفى أحدها فلا جريمة على الإطلاق، انظر ذلك: د. محمود نجيب حسني، شرح قانون العقوبات، مرجع سابق، ص47 د. عبد الرءُوف محمد مهدي، نفس المرجع، ص359، د. أحمد شوقي أبو خطوة، نفس المرجع، ص124،  د. علي حسن الشرفي، المرجع السابق، ص99. 

([7])   د. محمود نجيب حسني، شرح قانون العقوبات، مرجع سابق، ص41، د. أحمد شوقي أبو خطوة، شرح الأحكام العامة لقانون العقوبات لدولة الإمارات.... مرجع سابق، ص115. 

 ([8])  د. محمود نجيب حسني، نفس المرجع،  نفس الصفحة.

 ([9])   د. علي حسن الشرفي، المرجع السابق، ص99. 

([10])   د. محمود نجيب حسني، نفس المرجع، نفس الصفحة. 

([11])   نفس المرجع، نفس الصفحة. 

([12])  أحكام الشريعة الإسلامية تستلزم لاعتبار الفعل جريمةً وجود نصٍ يحرِّم هذا الفعل، ويعاقب علي إتيانه، ويشترط للعقاب عليه أن يكون النص الذي حرَّمه نافذ المفعول وقت اقتراف الفعل، وأن يكون ساريًا على المكان الذي اقترِف فيه الفعل، وعلى الشخص الذي اقترفه، انظر ذلك: المستشار/ عبد القادر عودة، المرجع السابق، ص112. 

([13])   د. محمود نجيب حسني، نفس المرجع، ص42. 

([14])   د. علي حسن الشرفي، المرجع السابق، ص58 وما بعدها. 

([15])   د. علي حسن الشرفي، المرجع السابق، ص27، ويلاحظ أن بعضًا من الجرائم الجنائية كالسرقة وشرب الخمر والزنا والنصب والاحتيال وغيرها جرائم عمدية لا تقوم إلا على العمد، بحيث إذا انعدم فلا تقوم الجريمة حتى ولو توافر الخطأ غير العمدي، انظر ذلك: نفس المرجع، نفس الصفحة.  

([16]) د. محمود نجيب حسني، شرح قانون العقوبات، مرجع سابق، ص65، د. علي حسن الشرفي، المرجع السابق ص99، د. محمد زكي أبو عامر، المرجع السابق ص45. 

([17]) قضت المحكمة العليا اليمنية بإلغاء الحكم الاستئنافي بإدانة الطاعنين عن واقعة لا تندرج تحت أية فقرةٍ من فقرات النص القانوني الذي طبقته على هذه الواقعة، انظر: حكم الدائرة الجزائية الصادر في الطعن الجزائي رقم (610) لسنة 2004م، القواعد القانونية والقضائية الجزائية، المكتب الفني بالمحكمة العليا، 2003-2500م، ص44. 

([18]) انظر في ذات المعنى: د. شوقي إبراهيم علاّم، المرجع السابق، هامش ص465. 

([19]) جانبٌ من الفقه المصري يدخل أسباب الإباحة في نطاق عدم الجريمة؛ معللاً ذلك أن سبب الإباحة يرد على ذات الفعل ويزيل عنه الصفة الإجرامية، ويرى أن موانع المسئولية ليست كذلك فهي لا ترفع عن الفعل صفة الجريمة، انظر ذلك: د. عبدالفتاح بيومي حجازي، سلطة النيابة العامة في حفظ الأوراق والأمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية  دراسة مقارنة، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2004م، ص173. 

([20]) الأثر الموضوعي لأسباب الإباحة هو رد الفعل الإجرامي إلى دائرة المشروعية، بمعنى أنها تجرده من الصفة غير المشروعة فتجعله مباحًا لا عقاب عليه، انظر ذلك: د. أحمد شوقي أبو خطوة، شرح الأحكام العامة لقانون العقوبات لدولة الإمارات...، مرجع سابق، ص306، د. نظام توفيق المجالي، المرجع السابق، ص304، د. علي حسن الشرفي، المرجع السابق، ص166. 

([21]) نص المادة (26) من قانون الجرائم والعقوبات اليمني المتعلق بأسباب الإباحة بدأ بعبارة " لا جريمة ...." وهي ذات العبارة التي بدأ بها النص الدستوري في المادة (47) المذكور المتعلق بلزوم النص لوجود الجريمة، ولهذا فهما يتساويان في نفس الأثر بالنسبة للجريمة، ومن القوانين العربية التي قررت انتفاء الجريمة لتوافر سبب إباحة قانون العقوبات الإماراتي حيث نصت المادة (54) على أنه:" لا جريمة إذا وقع الفعل قيامًا بواجبٍ تأمر به الشريعة أو القانون ...." ، كما نصت المادة (55) من ذات القانون على أنه:" لا جريمة إذا وقع الفعل من كموظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة ...."، وكذلك نصت المادة (11) من القانون الجنائي السوداني على أنه:" لا يعد الفعل جريمة إذا وقع من شخصٍ ملزمٍ بالقيام به أو مخول له القيام به بحكم القانون أو بموجب أمر مشروع صادر من السلطة المختصة...." وكذلك نصت المواد(39، 40، 41، 42) من قانون العقوبات العراقي. 

([22]) يذهب د. أحمد شوقي أبو خطوة إلى القول: أنه إذا جرَّم المشرع فعلًا من الأفعال ثم أوجب على شخصٍ إتيانه فأتاه، فإن هذا الفعل لا يمكن اعتباره جريمةً، ذلك لأن أداء الواجب باعتباره سببًا للإباحة ينزع عن الفعل صفته الإجرامية فيعتبر فعلًا مباحًا، فلا يعقل أن يفرض القانون واجبًا معينًا ثم يجعل أداء هذا الواجب جريمةً، أي بيبح الفعل ويجرِّمه في آنٍ واحدٍ، انظر ذلك: شرح الأحكام العامة لقانون العقوبات لدولة الإمارات...، مرجع سابق ص361. 

([23])  انظر على سبيل المثال: نص المادة (54) من قانون العقوبات الإماراتي، ونص المادة (11) من القانون الجنائي السوداني، ونصوص المواد(39، 40، 41، 42) من قانون العقوبات العراقي. 

([24]) قرر المشرع السوداني صراحةً أن استعمال حق الدفاع الشرعي ينفي الجريمة، فقد نصت المادة (12/1) من القانون الجنائي السوداني على أنه:" لا يعد الفعل جريمةً إذا وقع عند استعمال حق الدفاع الشرعي استعمالاً مشروعاً". 

([25]) قرر القضاء اليمني صراحةً أثر وقوع الفعل مقترنًا بظرفٍ مبيحٍ بقوله:"... إن حالة الدفاع الشرعي تجعل الفعل مباحًا ويترتب على ذلك انعدام الجريمة..." انظر ذلك: حكم الدائرة الجزائية الصادر بجلسة 30/3/ 2004م في الطعن الجزائي رقم (16050) لسنة 1425هـ ، القواعد القانونية والقضائية الجزائية، مرجع سابق، ص47.  

([26]) الفعل المادي هو شرط بدء البحث عن توافر الجريمة من عدمه، فيجب توافره سواءً كانت الجريمة تامةً أم كانت ناقصةً، انظر ذلك: د. محمد زكي أبو عامر، المرجع السابق، ص111-112. 

([27]) يستثنى من القاعدة العامة جريمتي إشعال الحريق وإحداث الانفجار في المال الخاص أو المنقول، إذ تقوم هاتين الجريمتين ولو كان الفاعل يملك هذا المال الذي وقعتا عليه وفقًا لحكم المادة (137) من قانون الجرائم والعقوبات اليمني، وتستثنى كذلك جريمة الانتحار فهي جريمةٌ بموجب أحكام الشريعة الإسلامية والتشريع اليمني، ولكن لا ترفع عنها الدعوى الجزائية لانقضائها بوفاة المتهم بها(المنتحِر)، وهو ما نصت عليه المــادة(266) من تعليمات النيابة العامة بقولها:" تعتبر حوادث الانتحار جرائم قتلٍ عمدٍ ضد المنتحِر، وتطبق عليها جميع الأحكام المقررة لجرائم القتل العمد، ويكون التصرف في القٍضية بإصدار أمرٍ بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجزائية لانقضائها بالوفاة".  

([28]) د. على حسن الشرفي، المرجع السابق، ص27.   

([29]) د. شوقي إبراهيم علام، المرجع السابق، ص445. 

([30]) د. رءُوف صادق عبيد، المرجع السابق،  ص318. 

([31]) د. أحمد شوقي أبو خطوة، شرح قانون الإجراءات الجنائية، مرجع سابق، ص352. (3)G. Levasseur, Droit 

pénal général, 7ème édition, Dalloz, p. 309.    ([33])د. محمد محمد سيف شجاع، شرح قانون الإجراءات الجزائية اليمني، مرجع سابق، 234.                                           

([34])د. مأمون محمد سلامة، المرجع السابق، ص608، د. أحمد شوقي أبو خطوة، شرح قانون الإجراءات الجنائية مرجع سابق، ص353. 

([35]) أكدت ذلك المــادة (264) من ذات التعليمات بقولها: "إذا كان الفعل المكون للركن المادي للجريمة لم يقع في الحقيقة فلا يكن الحفظ عندئذ لعدم الجريمة بل لعدم الصحة". 

([36]) د. مأمون محمد سلامة، المرجع السابق، ص608، د. أحمد شوقي أبو خطوة، نفس المرجع، ص355، د. شوقي إبراهيم علاَّم، المرجع السابق، ص458. 

([37]) د. رءُوف صادق عبيد، المرجع السابق، ص321. 

([38]) نصت المادة (112) أ.ج على أنه:" إذا رأت النيابة العامة أن لا مجال للسير في الدعوى ... أن تأمر بحفظها نهائيًا إذا كانت الواقعة لا تنطوي على جريمةٍ ..." الأمر بحفظ الأوراق في التشريع المصري: الأمر بالحفظ الأوراق صورة من صور التصرف في التهمة فقد نصت المادة (61) أ.ج على أنه:" إذا رأت النيابة العامة أن لا محل للسير فى الدعوى تأمر بحفظ الأوراق"، ويتبين من هذا النص أن المُشرِّع المصري قد منح النيابة العامة صراحةً حق إصدار أمر الحفظ متى رأت ملاءمة ذلك، ولم يقيدها بسببٍ معينٍ، وترك الأسباب التي يصدر بناءً عليها لتقديرها، فإذا رأت أن لا وجود لجريمةٍ في الأوراق التي أرسلها مأمور الضبط القضائي يحق لها عدم تحريك الدعوى الجنائية، ويكون ذلك من خلال الأمر بحفظ الأوراق لعدم الجناية( ) أو لعدم الصحة، وقد ذهب الفقه إلى أن الأسباب التي تدعو النيابة العامة لإصدار أمر الحفظ قد تكون: أسبابًا قانونيةً كانتفاء الصفة الإجرامية عن الفعل، وقد تكون أسبابًا موضوعيةً كعدم وقوع الفعل من الناحية المادية د. عمر السعيد رمضان، المرجع السابق، ص288- 289، د. محمود محمود مصطفى، شرح قانون الإجراءات الجنائية، مرجع سابق، هامش (2) ص256. الأمر بحفظ الأوراق في التشريع الفرنسي: تقوم النيابة العامة بحفظ الأوراق في حالة عدم وجود جريمةٍ كأن تكون الواقعة غير معاقبٍ عليها، وكذلك لوجود سبب إباحةٍ، والسند القانوني الذي يمنح النيابة العامة الأمر بحفظ الأوراق هو: نص المادة (40/3) أ.ج القائل:" وكيل الجمهورية يستقبل الشكاوي والبلاغات ويقرر النظام المتبع بشأنها"، ويقصد المُشرِّع بذلك القرار الذي سوف يتخذ بشأن الشكاوى والبلاغات، وهذه الصياغة تعطي لوكيل الجمهورية سلطة تقدير القيام بالإجراءات، فهو يملك الحق في عدم تتبع المتهم" عدم القيام بالإجراءات"، وذلك بمقتضى أمره بحفظ الأوراق، ومن الأسباب التي يستند إليها في إصداره عدم وجود نصٍ يجرِّم الواقعة ويطلق عليه الحفظ لعدم الجناية 

([39]) د. نظام توفيق المجالي، المرجع السابق، ص304، د. عبد الفتاح بيومي حجازي، المرجع السابق، ص181.

 ([40]) القرار بألا وجه لإقامة الدعوى الجزائية سيتم مناقشة أحكامة في المبحث الثاني من الفصل الثالث من هذا الباب.

 ([41]) د. محمود محمود مصطفى، شرح قانون الإجراءات الجنائية، مرجع سابق، ص321، د. محمود نجيب حسني شرح قانون الإجراءات الجنائية، مرجع سابق ص697، د. مأمون محمد سلامة، المرجع السابق ص720، د. نظام توفيق المجالي، المرجع السابق، ص301 وما بعدها، د. شوقي إبراهيم علاّم، المرجع السابق، ص464.  

([42]) د. محمود نجيب حسني، نفس المرجع، ص697، د. نظام توفيق المجالي، المرجع السابق، ص304. 

([43]) يتعين على سلطة التحقيق البحث عن أسباب الإباحة ولو لم يدفع بها المتهم لا سيما أحوال الدفاع الشرعي؛ لأن البحث عن هذه الأسباب من أولويات واجبات سلطة التحقيق، انظر ذلك: د. نظام توفيق المجالي، المرجع السابق ص322- 323، د. عبد الفتاح بيومي حجازي، المرجع السابق، ص181. 

([44]) د. نظام توفيق المجالي، المرجع السابق، ص304. 

([45]G.STAFANI, G.LEVASSEUR  ET  B. BOULOC , Op. cit, p. 111. ([46]) مصطلح الجريمة-هنا- يشمل كافة الصور المحتملة لوقوعها وهي: الجريمة التامة والشروع في الجريمة، والجريمة العمدية، وجريمة الخطأ غير العمدي، ومؤدى ذلك أن حال "عدم توافر عناصر الجريمة" لا يتحقق إلا إذا انتفت العناصر التي تقوم عليها الجريمة في أدنى صورها. 

([47]) لكل جريمةٍ أركانها الخاصة التي تميِّزها عن غيرها من الجرائم، ويتطلبها المشرع بصدد كل جريمةٍ على حدةٍ ويناقشها الفقهاء في القسم الخاص من قانون العقوبات، انظر ذلك: د. أحمد شوقي أبو خطوة، شرح الأحكام العامة لقانون العقوبات لدولة الإمارات...، مرجع سابق، ص124. 

([48]) عناصر الجريمة وردت في الفصل الأول من الباب الثاني ضمن الأحكام العامة للجريمة، الذي اشتمل على المواد الآتية: المادة (7) عنوانها رابطة السببية، والمادة (8) عنوانها المسئولية، والمادة (9) عنوانها القصد الجنائي، والمادة (10) عنوانها الخطأ غير العمدي، انظر ذلك: القانون رقم (12) لسنة 1994م يشأن الجرائم والعقوبات، وقد فصَّلت بعض التشريعات عناصر الجريمة كالمشرع اللبناني فقد ميّز عناصر الجريمة إلى: عنصر قانوني نص عليه في المواد (179-180)، وعنصر معنوي نص عليه في المواد (188- 191)، وعنصر مادي نص عليه في المواد (200-203) من قانون العقوبات الصادر المرسوم بالاشتراعي رقم (340) صادر في 1/3/ 1943م. 

([49]) د. علي حسن الشرفي، المرجع السابق، ص378. 

([50]) نصت على ذلك المادة (8) من قانون الجرائم والعقوبات اليمني بقولها:" لا يسأل شخصٌ عن جريمةٍ إلا إذا ارتكبها قصداً (عمداً) أو بإهمال"، و انظر كذلك: د. أحمد شوقي أبو خطوة، شرح الأحكام العامة لقانون العقوبات لدولة الإمارات.. مرجع سابق، ص204، د. علي حسن الشرفي، المرجع السابق، ص374. 

([51]) د. علي حسن الشرفي، المرجع السابق، ص399. 

([52]) القصد الجنائي الخاص قد يكون ضروريًا لقيام الجريمة، إذ لا يكفي لقيامها توافر القصد الجنائي العام فقط، انظر ذلك: د. أحمد شوقي أبو خطوة، شرح الأحكام العامة لقانون العقوبات لدولة الإمارات...، مرجع سابق ص224، وفي ذات المعنى: د. محمود نجيب حسني، شرح قانون العقوبات، مرجع سابق، ص753. 

([53]) د. علي حسن الشرفي، المرجع السابق، ص420.  

([54]) صرَّح المشرع اليمني في المادة (9) عقوبات بذلك بقوله:"... ولا عبرة في توافر القصد بالدافع إلى ارتكاب الجريمة أو الغرض منها إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك...." 

([55]) نص المادة (10) من قانون الجرائم والعقوبات اليمني، وانظر في ذات المعنى: د. علي حسن الشرفي، المرجع السابق، ص428. 

([56]) تستثنى جرائم القتل وتعذيب الآدمي فلا تُرفع المسئولية فيهما عن المكرَه ومن أكرهه طبقًا لنص المادة (35) من قانون الجرائم والعقوبات اليمني. 

([57]) الإكراه المادي يعدم الإرادة فينتفي السلوك من جانب المكرًه ويحول دون إسناد الجريمة إليه من الناحية المادية وبانعدام للإرادة ينعدم الفعل، إذ الإرادة عنصرٌ أساسيٌ فيه، فالحركة العضوية أو الموقف السلبي غير الإراديين لا يقوم بهما فعلٌ إيجابيٌ أو امتناعٌ في القانون، انظر ذلك: د. محمود نجيب حسني، شرح قانون العقوبات، مرجع سابق، ص558. 

([58]) اعتبر المشرع اليمني رابطة السببية أحد عناصر الجريمة، ونظَّم أحكامها في المادة (7) من قانون الجرائم والعقوبات  وقرر فيها:" أن هذه الرابطة تنتفي إذا تداخل عاملٌ آخرٌ يكون كافياً بذاته لأحداث النتيجة، وعندئذ تقتصر مسؤولية الشخص عن سلوكه إذا كان القانون يجرمه مستقلاً عن النتيجة"، والمقصود بهذ التداخل كما يرى جانب من الفقه اليمني: هو ظهور عاملٍ جديدٍ كافٍ لإحداث النتيجة، ويصلح لقطع علاقة السببية بين الفعل الأول وبين النتيجة المتحققة بحيث يصير معه العامل الأول غير ذي أثرٍ كافٍ، انظر ذلك: د. علي حسن الشرفي، المرجع السابق ص266. 

([59]) نصت المادة (33) من قانون الجرائم والعقوبات اليمني على أن:" لا يسأل من يكون وقت ارتكاب الفعل عاجزاً عن إدراك طبيعته ونتائجه بسبب:1- الجنون الدائم أو المؤقت أو العاهة العقلية . 2- تناول مواد مسكرة أو مخدره قهراً عنه أو على غير علمٍ منه أو لضرورةٍ، فإذا كان ذلك باختياره وعلمه عُوقِب....". 

([60]) نصت المادة (36) من قانون الجرائم والعقوبات اليمني على أنه:" لا مسئولية على من ارتكب فعلاً الجأته إليه ضرورة وقاية نفسه أو غيرة أو ماله أو مال غيرة من خطر جسيم محدق لم يتسبب هو فيه عمدًا، ... ولا يعتبر في حالة ضرورة من أوجب عليه القانون مواجهة ذلك الخطر".    

[61])نصت المادة (37) من قانون الجرائم والعقوبات اليمني على أنه:" ينتفي القصد إذا وقع الفعل المكون للجريمة بناء على غلط في واقعة تعد عنصراً من عناصرها القانونية أو في ظرف لو تحقق لكان الفعل مباحاً...." .   

([62])د. علي حسن الشرفي، المرجع السابق، ص434.    

([63])د. مأمون محمد سلامة، المرجع السابق، ص 606- 607، د. أحمد شوقي أبو خطوة، شرح قانون الإجراءات الجنائية، مرجع سابق، ص355.                                              

([64]) د. مأمون محمد سلامة ، المرجع السابق، ص 606، د. شوقي إبراهيم علَّام، المرجع السابق، ص464،  د. عبد الفتاح بيومي حجازي، المرجع السابق، ص177.  

([65]) ذهب لمثل ذلك طائفةٌ من الفقهاء، إذ يرون أن سلطة إصدار القرار بألا وجه لانتفاء أحد عناصر الجريمة أيًا كان سببه مستفادٌ من نص المادة (154) أ.ج.م بقولها:" الواقعة لا يعاقب عليها القانون"، وعليه إذا ثبت لسلطة التحقيق توافر مانعٍ من موانع المسئولية بحق المتهم تعين عليها التحقق من شروطه ثم تصدر لصالحه قرارًا بألا وجه انظر ذلك: د. محمود نجيب حسني، شرح قانون الإجراءات الجنائية، مرجع سابق، ص734، د. مأمون محمد سلامة المرجع السابق، ص720، د. نظام توفيق المجالي، المرجع السابق، ص330، د. شوقي إبراهيم علاَّم، المرجع السابق، ص469.  

([66]) ثمة من يقول بخلاف ذلك حيث يرى بجواز أن تكون حالتي الضرورة والإكراه سببًا لإصدار سلطة التحقيق قرارًا بألا وجه بناءً عليها، فطالما كان المتهم في حالة ضرورةٍ –إذا وقع عليه إكراهٌ - وقت ارتكاب الفعل، وتحققت كافة شروطها القانونية فليس هناك ما يحول دون أن يصدر المحقق لصالحه قرارًا بألا وجه تطبيقًا للقواعد العامة، ومؤدى ذلك أن تصيرا مانعًا من رفع الدعوى الجزائية، انظر ذلك: د. نظام توفيق المجالي، المرجع السابق، ص332 وما بعدها.  

([67]) حددت الأثر الإجرائي المترتب على صغر السن المادة (42) أ.ج بقولها:" لا يجوز تحريك الدعوى الجزائية ويتعين إنهاء إجراءاتها إذا كانت قد بدأت في إحدى الأحوال الآتية: ...ج- عدم بلوغ سن المساءلة الجزائية...."، ونصت على أثر الجنون المادة (280) أ.ج بقولها:" إذا ثبت أن المتهم غير قادرٍ على الدفاع عن نفسه بسبب جنونٍ أو عاهةٍ عقليةٍ أخرى طرأت عليه بعد وقوع الجريمة يوقف رفع الدعوى عليه...."، كما يُفهم ذلك من نص المادة (283) أ.ج: بقولها:" إذا صدر أمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى...لانعدام المسؤولية بسبب عاهةٍ في عقلة...."    


نسخة pdf

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.