▪️السب والتهديد عن طريق الرسائل الهاتفية واختراق الهاتف

#اعرف_حقك_وقانونك⚖️🇾🇪


▪️السب والتهديد عن طريق الرسائل الهاتفية واختراق الهاتف

أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين 

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

في العصر الحاضر تتم كافة الأفعال والتصرفات والاتصالات عن طريق الهاتف المحمول سواء بواسطة المكالمات الصوتية أو الرسائل النصية القصيرة أو عن طريق الواتس أو التيليغرام وغيرها، حيث يتم ارتكاب جرائم كثيرة عن طريق الهاتف المحمول، كما يقوم الغير باختراق الحسابات والأرقام الهاتفية وارسال رسائل منها واجراء بعض التصرفات، ولذلك فانه من المهم الإشارة إلى كيفية تعامل القضاء مع الجرائم التي تتم بواسطة الهاتف المحمول واختراق الأرقام والحسابات المصرفية، ولذلك اخترنا التعليق على الحكم الصادر عن الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 16/1/2013م في الطعن رقم (44165) وتتلخص وقائع القضية التي تناولها هذا الحكم أن امرأة تقدمت أمام النيابة العامة بشكوى مفادها أن احد اقربائها قام بإرسال رسائل إلى هاتفها المحمول تضمنت هذه الرسائل سباً لها وشتماً وتهديداً وبذاءات والفاظ تخدش الحياء وقدمت الشاكية إلى النيابة تلك الرسائل المستلمة من هاتفها إلا أن النيابة قررت بان لا وجه لإقامة الدعوى قبل المتهم بإرسال تلك الرسائل الهاتفية، فقامت الشاكية باستئناف قرار النيابة العامة إلا ان الشعبة الجزائية قضت بتأييد قرار النيابة بان لا وجه لإقامة الدعوى، وقد ورد في أسباب الحكم الاستئنافي (حيث ذكرت الشاكية المستأنفة في عريضتها أن المستانف ضىده المشكو به قد ارسل إلى هاتفها المحمول رسالتين تتضمن سبا وتهديد لها وكلام بذي، وحيث ان المستأنف ضده قد انكر ذلك وان المستأنفة لم تستطع أن تثبت ان المستأنف ضده هو من قام بإرسال تلك الرسالتين إلا عن طريق افادة شركة الاتصالات التي افادت بأن المستأنف ضده قد ارسل من هاتفه إلى هاتف المستأنفة الرسالتين المشار اليهما إلا أن شركة الاتصالات ذاتها قد ضعفت ذلك الدليل بما حررته في مذكرتها المشار اليها الموجهة إلى النائب العام التي افادت فيها الشركة أنه بالإمكان ادخال الرسالتين عبر الانترنت إلى هاتف الشاكية عبر رقم تلفون المشكو به المستأنف ضده (الاختراق أو التهكير) مما يجعل الشعبة لا تعمل بهذا الدليل لان الدليل اذا طرقه الاحتمال يضعف الاستدلال به) فلم تقنع المستأنفة بالحكم الاستئنافي فقامت بالطعن فيه بالنقض إلا أن الدائرة الجزائية رفضت الطعن وأقرت الحكم الاستئنافي، وقد ورد في أسباب حكم المحكمة العليا (لما كان البين أنه لم يثبت لدى محكمة الموضوع أن المطعون ضده هو من ارسل رسالتين فيهما كلام بذي من تلفونه المحمول إلى تلفون الطاعنة التي استندت في ادعائها إلى ما ورد من شركة الاتصالات أن المطعون ضده قد ارسل إلى تلفونها هاتين الرسالتين لان شركة الاتصالات ذاتها قد ضعفت ذلك الدليل بما حررته في مذكرتها الموجهة إلى النائب العام بقولها : أنه بالإمكان إدخال الرسالتين عبر الانترنت إلى تلفون الشاكية عبر رقم هاتف المشكو به مما يجعل الشعبة لا تعمل بهذا الدليل لان الدليل اذا طرقه الاحتمال يضعف الاستدلال به) 

وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ما هو مبين في الأوجه الأتية : 

الوجه الأول : موقف القانون من جرائم السب والشتم والاهانة عن طريق الرسائل الهاتفية : 

من خلال مطالعة الحكم محل تعليقنا نجد أن التهم التي كانت مسندة للمتهم المشكو به هي جرائم السب والتهديد المعاقب عليها بموجب المواد (254 و291 و 292) عقوبات، فهذه المواد تتضمن نصوصا عامة مجردة تقرر معاقبة الفاعل لتلك الجرائم اذا تم إثبات صدور الفاظ السب والتهديد للمتهم ، فاذا صدر السب أو الشتم من المتهم مباشرة بطريقة مباشرة وتم إثباته بوسيلة من وسائل الاثبات المقررة شرعا وقانونا فان الجريمة تكون ثابتة بحق المتهم فيتم الحكم عليه بالعقوبة المقررة في النص القانوني المشار اليه.

 الوجه الثاني : إثبات صدور عبارات السب والشتم والتهديد عن طريق الرسائل الهاتفية : 

الأصل في إثبات ذلك هو حيازة الشخص بصورة دائمة للهاتف الذي يحمل الرقم الذي تم ارسال الرسائل بواسطته فيعد الحاسوب للهاتف هو الفاعل وعليه إن أراد أن يثبت خلاف ذلك ان يقدم الادلة القاطعة على انه لم يقم بارسال الرسائل الصادرة من هاتفه ، إلا أن هناك إشكاليات كثيرة في هذا الشأن من اهمها ان بعض الناس يستعملون هواتف لا تكون ارقامها بأسمائهم وعندئذ يكون الحائز للهاتف الذي يحمل الرقم هو المسئول حتى لو كان اللبن ليس باسمه، كما تبرز إشكالية التهكير أو اختراق الأرقام والحسابات الهاتفية كالواتس وفي هذه الحالة يكون الحائز للرقم هو المسئول حتى يثبت وقوع الاختراق، وقد اشار الحكم محل تعليقنا إلى امكانية اختراق الارقام والحسابات الهاتفية من الغير وكيفية ذلك، إلا أن المذكرة الصادرة من شركة الاتصالات المالكة للشبكة لم تصرح عما اذا كان بوسعها الافادة عما اذا كان من الممكن معرفة االاختراق واثباته حيث تنتفي مسئولية صاحب الرقم أو الحساب المخترق، ومن خلال سؤالنا لبعض المختصين في مجال الاتصالات افادوا بان شركة الاتصالات المشغلة للشبكة تستطيع معرفة ما اذا كان ارسال الرسائل قد تم من جهاز الشخص صاحب الرقم أم من المخترق لرقمه أو حسابه، كما لا يخفى ان الشخص الذي يتم اختراق حسابه أو رقمه قد يكون مقصرًا حيث قد لا يحتاط من الوسائل التي يستعملها المخترقون ولذلك فهو يكون مسئولاً اذا لم يثبت أنه قد بذل عنايته في الاحتياط من وسائل واحابيل المخترقون الأرقام والحسابات ،والله اعلم.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.