أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء
عندما تتعدد العقارات وتنتشر ضمن نطاق الإختصاص المكاني لأكثر من محكمة، فإن الإختصاص بقسمتها ينعقد للمحكمة التي يقع ضمن نطاق إختصاصها المكاني غالبية العقارات إذا كانت قيمتها أكثر من غيرها، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 3-1-2012م في الطعن رقم (43427)، المسبوق بالحكم الاستئنافي الذي قضى (بأن المحكمة الابتدائية لم تتأمل الدفع، لأن الثابت أن غالبية العقارات المطلوب قسمتها تقع في محافظة.... ضمن نطاق إختصاص محكمة....، خاصة أن تلك العقارات هي أكثر قيمة من غيرها)، وعند الطعن بالنقض في الحكم الاستئنافي امام المحكمة العليا فقد اقرت الدائرة الشخصية الحكم الاستئنافي، وقد ورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا: ((ومن خلال الإطلاع على تفاصيل الطعن والرد عليه وعلى الحكم الاستئنافي والحكم الابتدائي فقد تبين: أن الطعن لا يوجد فيه أي سبب من الأسباب المنصوص عليها في المادة (292) مرافعات مما يتعين عدم قبول الطعن موضوعاً))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:
المقصود بذلك: أن تكون عقارات التركة وهي الأراضي والابنية موزعة في عدة مدن أو مديريات وضمن نطاق الإختصاص المكاني لأكثر من محكمة، فعندئذٍ يثور التساؤل عن المحكمة المختصة بإجراء القسمة الجبرية، اما القسمة الرضائية التي يتراضى بشأنها الورثة، فيباشر إجراءاتها الورثة أنفسهم أو عن طريق القسام المختار من قبل الورثة ، ومع ذلك ففي حالة القسمة الاختيارية يثور التساؤل بشأن ًالأمين الشرعي المختص بتحرير فصول ومستندات القسمة وكذا قلم التوثيق المختص بتوثيق محررات ومستندات القسمة في حالة توزع العقارات في ضمن الاختصاص المكاني لأكثر من محكمة .
تكون المحكمة المختصة بإجراء القسمة الجبرية عندما تتوزع عقارات التركة في أكثر من مدينة أو مديرية هي المحكمة التي تقع ضمن نطاق إختصاصها المكاني أكثر العقارات قيمة تطبيقاً للمادة (93) مرافعات التي نصت على أنه (في المنازعات المتعلقة في العقارات يكون الإختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها العقار كله أو بعضه الأكبر قيمة)، فقد استقرت أحكام القضاء في اليمن على تطبيق هذا النص على القسمة الجبرية، لانها تتضمن مفهوم النزاع بين الورثة على القسمة بما فيها قسمة العقارات، فمعنى النزاع موجود في القسمة الجبرية ولذلك تختص بالقسمة الجبرية المحكمة التي يقع ضمن نطاق إختصاصها المكاني أكثر العقارات قيمة .
حصر قانون التوثيق والتعاميم الصادرة عن وزارة العدل بمقتضى قانون التوثيق حصرت تحرير الوثائق العقارية بالموثقين والأمناء الشرعيين، ولذلك فإن بعض القسامين بعد إنتهاء القسمة يسندوا مهمة تحريرممحررات القسمة أو مستندات القسمة كالفصول والبصائر المنزوعة منها إلى الامناء الشرعيين أو الموثقين، في حين يقوم فريق آخر من القسامين بتحرير وثائق القسمة بأنفسهم ثم يتولى الورثة المتقاسمين توثيق محررات القسمة بأنفسهم عن طريق الحضور إلى أقلام التوثيق للمصادقة على تلك المحررات وإثبات موافقتهم ورضاهم بما ورد في تلك المحررات والوثائق، لأن توثيق محررات القسمة من قبل قلم التوثيق يجعلها محررات رسمية وفقاً لقانون التوثيق وقانون الإثبات.ولكن هناك إشكالية تثور عند توثيق الفصول التي تتضمن عدة عقارات تقع ضمن الإختصاص المكاني لأكثر من محكمة، ومن وجهة نظرنا فإن قلم التوثيق المختص بتوثيق الفصول في هذه الحالة هو قلم التوثيق الذي يقع ضمن نطاق اختصاصه أكبر العقارات قيمة استئناساً بما استقر عليه القضاء في اليمن بشأن تقرير اختصاص المحكمة التي تقع ضمن اختصاصها أكبر العقارات قيمة استناداً إلى المادة (93) مرافعات وعلى النحو السابق بيانه، والله اعلم.