إثبات سن الطفل المتهم في القانون اليمني

#اعرف_حقك_وقانونك⚖️🇾🇪


إثبات سن الطفل المتهم في القانون اليمني


أ.د / عبد المؤمن شجاع الدين 

الأستاذ المشارك بكلية الشريعة والقانونجامعة صنعاء


قائمة المحتويات

1_ مقدمة

 2_ المبحث الأول : مدى المسئولية الجزائية للطفل في القانون اليمني .

3_المطلب الأول : التعريف بالمسئولية الجزائية في القانون اليمني .

 4- المطلب الثاني : تعريف الطفل ومدى مسئوليته الجزائية في القانون اليمني .

 5_ المبحث الثاني : وسائل تحديد وإثبات سن الطفل في القانون اليمني .

6_ المطلب الأول : إثبات السن عن طريق شهادة الميلاد .

7_ المطلب الثاني : إثبات السن عن طريق البطاقة الشخصية والبطاقة العائلية. 

8_ المطلب الثالث : إثبات السن عن طريق جواز السفر .

9_ المطلب الرابع : إثبات السن عن طريق الشهادات الدراسية . 

10_ المطلب الخامس : إثبات السن عن طريق شهادة الشهود 

11- المطلب السادس : إثبات السن عن طريق أعمال الخبرة (التقارير الطبية).المطلب السابع : إثبات السن عن طريق علامات البلوغ 

12_ نتائج البحث 

13_ توصيات البحث 

14 قائمة بأهم مراجع البحث ومصادره


بسم الله الرحمن الرحيم

 مقدمة

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد وعلى آله وصحبه أما بعد : فهذه دراسة بعنوان(إثبات سن الطفل في القانون اليمني) وهذا الموضوع واسع ومتشعب ولذلك فسوف نتجه في تناولنا لهذا الموضوع إلى مدى مسئولية الطفل جزائياً في القانون اليمني وكيفية تحديد السن ووسائله ، وسيكون تبويب هذا الموضوع على النحو الآتي :


المبحث الأول: 

مدى المسئولية الجزائية للطفل في القانون اليمني- ويشتمل هذا المبحث على المطالب الآتية : المطلب الأول : تعريف المسئولية الجزائية في القانون اليمني . 

المطلب الثاني : تعريف الطفل ومدى مسئوليته الجزائية في القانون اليمني . المبحث الثاني: وسائل تحديد وإثبات سن الطفل في القانون اليمني- ويشتمل هذا المبحث على المطالب الآتية :

 المطلب الأول : إثبات السن عن طريق شهادة الميلاد . 

المطلب الثاني : إثبات السن عن طريق البطاقة الشخصية والعائلية. المطلب الثالث : إثبات السن عن طريق جواز السفر . المطلب الرابع : إثبات السن عن طريق الشهادات الدراسية .

 المطلب الخامس : إثبات السن عن طريق شهادة الشهود . المطلب السادس : إثبات السن عن طريق أعمال الخبرة (التقارير الطبية). المطلب السابع : إثبات السن عن طريق علامات البلوغ .


نتائج البحث : وتتضمن النتائج التي توصل إليها الباحث. توصيات البحث : وتتضمن التوصيات التي خلص إليها الباحث . مراجع البحث : وتتضمن المصادر والمراجع التي رجع إليها الباحث .


المبحث الأول

مدى المسئولية الجزائية للطفل في القانون اليمني وسوف نبين في المطلب الأول التعريف بالمسئولية الجزائية عامة في القانون اليمني ثم نذكر في المطلب الثاني التعريف بالطفل وسن المسئولية الجزائية في القانون اليمني ومراحل مسئولية الطفل في هذا الشأن .


المطلب الأول التعريف بالمسئولية الجزائية في القانون اليمني

 المسئولية الجزائية لها مفهوم واحد في كافة الجرائم ، ومع أن القانون اليمني قد ذكرها في بعض النصوص إلا انه لم يعرفها أو يذكر المقصود بها ، فمثلاً ورد في المادة(2) من قانون العقوبات على أن(المسئولية الجزائية شخصية) كما ورد في المادة(8) من القانون ذاته انه (لا يسأل شخص عن جريمة إلا إذا ارتكبها قصداً أو بإهمال) وعدم تعريف القانون اليمني للمسئولية الجزائية ليس عيباً أو نقصاً إذ أن وضع التعريفات من اختصاص الفقه – والفقه يذهب إلى تعريف المسئولية الجزائية بأنها صلاحية الشخص لتحمل الجزاء الجنائي الناشئ عما يرتكبه من جرائم ، ومع اتفاق الفقه على تعريف المسئولية الجزائية على النحو السابق بيانه إلا أن الفقه اختلف في تناوله لأساس المسئولية الجزائية على مذهبين :

 المذهب الأول : وهو المذهب الشخصي ويذهب إلى أن أساس المسئولية الجزائية هو حرية الإنسان في الاختيار وهذا هو المذهب التقليدي .

 المذهب الثاني : وهو المذهب الموضوعي الذي يذهب إلى أن أساس المسئولية الجزائية هو الخطورة الإجرامية للجاني .وقد أخذت معظم قوانين العقوبات في الدول العربية بما فيها القانون اليمني بالمذهب الشخصي التقليدي وهو الذي يذهب إلى أن أساس المسئولية الجزائية حرية الإرادة ومناطها الإدراك والاختيار، فإذا توفر في الشخص الأمران كان مسئولاً جزائياً عن الجرائم الناشئة عن فعله ويتوجب عقابه ، إما إذا تخلف احدهما كان غير مسئول عن فعله وطبقاً للمذهب الذي اخذ به القانون اليمني فأن الطفل لا يسأل جزائياً عن فعله لعدم إدراكه أو نقص إدراكه ، فالطفل لا يدرك ماهية الأفعال والتصرفات التي يقوم بها وكذا الآثار والنتائج المترتبة عليها .

 المطلب الثاني تعريف الطفل ومدى مسئوليته الجزائية في القانون اليمني 

الطفل في القانون اليمني هو الشخص الذي لم يبلغ سن الثامنة عشرة ، وقد أخذ القانون اليمني بتعدد أهلية الشخص فهناك أهلية جنائية (18 سنة) وهناك أهلية تجارية (18 سنة) وهناك أهلية سياسية للتصويت في الانتخابات والاستفتاء (18 سنة) وأهلية الترشح لمجلس النواب(25 سنة) وأهلية عسكرية للالتحاق بالجيش والأمن (18 سنة للأفراد و22سنة للضباط) وأهلية شغل وظيفة القضاء (30 سنة) وأهلية سياسية لشغل وظيفة رئيس جمهورية أو رئيس وزراء (40 سنة) وأهلية سياسية لشغل وظيفة الوزير(30 سنة) وأهلية الالتحاق بالوظيفة العامة أو الخدمة المدنية وهي (18 سنة) وأهلية سياسية للالتحاق بالأحزاب السياسية (18 سنة) وهناك أهلية سياسية لتأسيس الأحزاب السياسية (24 سنة) وهناك أهلية مدنية نص عليها القانون المدني وهي (15 سنة). وتعدد الأهليات في القانون اليمني على النحو السابق لا يعد عيباً فالمهام والصلاحيات و المسؤوليات تختلف وتتفاوت باختلاف الأعمار واختلاف الأعمال والوظائف، إضافة إلى العلاقة الوثيقة بين السن والقدرة على الإدراك.وبيت القصيد في هذا المقام هو سن المسؤولية الجنائية التي لا تكون تامة إلا إذا بلغ الإنسان سن (18 سنة) ولكن قبل هذه السن تكون مسؤولية الإنسان الجنائية ناقصة حيث بينت ذلك المادة (31) عقوبات ، التي تنص على أنه (لا يسأل جزائياً من لم يكن قد بلغ السابعة من عمره وقت ارتكاب الفعل المكون للجريمة وإذا أرتكب الحدث الذي أتم السابعة، ولم يبلغ الخامسة عشرة الفعل أمر القاضي بدلاً من العقوبة المقررة بتوقيع أحد التدابير المنصوص عليها في قانون الأحداث، فإذا كان مرتكب الجريمة قد أتم الخامسة عشرة ولم يبلغ الثامنة عشرة حكم عليه بما لا يتجاوز نصف الحد الأقصى للعقوبة المقررة قانوناً، وإذا كانت هذه العقوبة هي الإعدام حكم عليه بالحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد عن عشر سنوات وفي جميع الأحوال ينفذ الحبس في أماكن خاصة يراعى فيها معاملة مناسبة للمحكوم عليهم ولا يعتبر الشخص حديث السن مسئولاً مسئولية جزائية تامة إذا لم يبلغ الثامنة عشرة عند ارتكابه الفعل، وإذا كانت سن المتهم غير محققة قدرها القاضي بالاستعانة بخبير) وفي السياق ذاته نصت المادة (32) عقوبات، على أنه (لا تخل الأحكام المبينة في المادة السابقة بحق المجني عليه أو ورثته في الدية أو الأرش في جميع أحوالها، وتكون الدية أو الأرش على العاقلة، وإذا لم تف فمن مال الصغير).

 وقد تصدى قانون رعاية الأحداث لبيان التدابير الواجب اتخاذها حيال الأحداث الذين يرتكبون أفعالاً جنائية ولم يبلغوا سن (18) سنة، حيث نصت المادة (36) من قانون رعاية الأحداث على أنه (فيما عدا المصادرة وإغلاق المحل). لا يجوز أن يحكم على الحدث الذي لا يتجاوز سنه عشر سنوات ويرتكب جريمة بأي عقوبة أو تدبير مما نص عليه في قانون العقوبات وإنما يحكم عليه بأحد التدابير الآتية :

1- التوبيخ: وهو توجيه المحكمة اللوم والتأنيب إلى الحدث على ما صدر منه وتحذيره بألاَّ يعود إلى مثل هذا السلوك مرة أخرى. 

2- التسليم: وذلك بتسليم الحدث إلى أحد أبويه أو إلى من له الولاية أو الوصاية عليه، فإذا لم يتوافر في أيهما الصلاحية للقيام بتربيته سلم إلى من يكون أهلا لذلك من أفراد أسرته فان لم يجد سلم إلى شخص مؤتمن يتعهد بتربيته أو إلى أسرة موثوق بها يتعهد عائلها بذلك، وإذا كان الحدث ذا مال أو كان له من يلزم بالإنفاق عليه قانونا وطلب من حكم بتسليمه إليه تقدير نفقة له وجب على القاضي أن يعين في حكمه بالتسليم المبلغ الذي يحصل من مال الحدث أو يلزم المسئول عن النفقة وذلك بعد إعلانه بالجلسة المحددة ومواعيد أداء النفقة ويكون تحصيلها بطريقة الحجز الإداري ويكون الحكم بتسليم الحدث إلى غير الملزم بالإنفاق لمدة لا تزيد على ثلاث سنوات.

 3- الإلحاق بالتدريب المهني: ويكون بان تعهد المحكمة بالحدث إلى أحد المراكز المخصصة لذلك أو إلى أحد المصانع أو المتاجر أو المزارع التي تقبل تدريبه، ولا تحدد المحكمة في حكمها مدة لهذا التدبير على ألا تزيد مدة بقاء الحدث في الجهات المشار إليها على ثلاث سنوات. 

4- الإلزام بواجبات معينة: ويكون بحظر ارتياد أنواع من الأماكن أو المحال أو بغرض الحضور في أوقات محددة أمام أشخاص أو هيئات معنية أو المواظبة على بعض الاجتماعات التوجيهية أو غير ذلك من القيود التي تحدد بقرار من الوزير ويكون الحكم بهذا التدبير لمدة لا تقل على ستة أشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات.

 5- الاختبار القضائي: وذلك بوضع الحدث في بيئته الطبيعية تحت التوجيه والإشراف ومع مراعاة الواجبات التي تحددها المحكمة، ولا يجوز أن تزيد مدة الاختبار القضائي على ثلاث سنوات، فإذا فشل الحدث في الاختبار عرض الأمر على المحكمة لتنفيذ ما تراه مناسبا من التدابير الواردة في هذه المادة.

6- الإيداع في إحدى دور تأهيل ورعاية الأحداث: وذلك بإيداع الحدث في إحدى دور الرعاية الاجتماعية للأحداث التابعة للوزارة أو المعترف بها منها وإذا كان الحدث ذا عاهة يكون الإيداع في مركز مناسب لتأهيله ولا تحدد المحكمة في حكمها مدة الإيداع، ويجب ألا تزيد مدة الإيداع على عشر سنوات في الجرائم الجسيمة وثلاث سنوات في الجرائم الغير جسيمه وسنة في حالات التعرض للانحراف وعلى الدار التي أودع فيها الحدث أن تقدم إلى المحكمة تقريرا عن حالته وسلوكه كل ستة أشهر على الأكثر لتقرر المحكمة ما تراه بشأنه.

7- الإيداع في أحدى المستشفيات المتخصصة: وذلك بإلحاق الحدث أحد المستشفيات المتخصصة بالجهة التي يلقى فيها العناية التي تدعو إليها حالته وتتولى المحكمة الرقابة على بقائه تحت العلاج في فترات دوريه لا يجوز أن تزيد أي فترة منها على سنة يعرض عليها خلالها تقارير الأطباء وتقرر إخلاء سبيله إذا تبين لها أن حالته تسمح بذلك وإذا بلغ الحدث سن (15 سنة) وكانت حالته تستدعي استمرار علاجه نقل إلى أحد المستشفيات المخصصة لعلاج الكبار). وكذا نصت المادة (37) أحداث على أنه (أ- إذا ارتكب الحدث الذي تزيد سنه على أربع عشرة سنة ولا تتجاوز خمس عشره سنة جريمة عقوبتها الإعدام يحكم عليه بالسجن مدة لا تقل عن عشر سنوات. - ب- في سائر الجرائم الأخرى يحكم على الحدث بعقوبة لا تزيد على ثلث الحد الأقصى للعقوبة المقررة لكل جريمة قانوناً) وبشأن الجريمة التي يرتكبها الحدث والتي تكون عقوبتها الإعدام نجد أن هناك تعارض بين ما ورد في المادة (37) أحداث السابق ذكرها، والمادة (31) عقوبات، فالمادة (31) عقوبات، اعتبرت الإنسان حدثاً بشأن الجريمة المعاقب عليها بالإعدام حتى بلوغه الثامنة عشرة في حين أن المادة (37) اعتبرت الإنسان حدثاً فيما يتعلق بعقوبة الإعدام حتى بلوغه سن الخامسة عشرة فقط وطبقاً للقواعد العامة في تطبيق النصوص القانونية فإن قانون الأحداث هو القانون الخاص الذي يجب تقديمه عند التطبيق عملاً بقاعدة (الخاص مقدم على العام عند التطبيق) ولكن الاتفاقيات الدولية تقضي بأن الأولى تطبيق النصوص القانونية الأفضل بالنسبة للأحداث باعتبار مصلحة الطفل هي الفضلى وتبعاً لذلك فالأولى والأفضل للحدث هو تطبيق نص المادة (31)عقوبات. ولا يفوتنا في هذا المقام أن نؤكد على ضرورة تعديل المادة (37) من قانون الأحداث التي توحي بأن الحدث إذا تجاوز سنه الخامسة عشرة يجوز الحكم عليه بالإعدام إذا ما ارتكب جريمة من الجرائم المعاقب عليها بالإعدام.ولكن المشكلة الحقيقية في هذا الشأن تكمن في أن النيابات لا تتحرى من تلقاء ذاتها من سن المتهمين الذين يشتبه في أنهم أطفال أو أحداث،حيث تقوم بعض النيابات العادية بالتحقيق مع بعض الأحداث أو الأطفال في حين أن الاختصاص منعقد لنيابات الأحداث- ولذلك تقوم النيابات العادية بإجراءات التحقيق والاتهام لهؤلاء الأطفال على أنهم بالغين وبعد ذلك تقوم النيابات العادية بإحالتهم للمحاكمة الجزائية أمام القضاة الجزائيين الذين يحاكمونهم ويعاملوهم معاملة البالغين،وهذا ما يفسر صدور أحكام بإعدام وسجن بعض الأطفال،في حين أنه كان يتوجب على النيابات العادية التثبت بما لا يدع مجالاً للشك من سن هؤلاء،فإذا تأكد لها بلوغهم سن المسألة الجنائية قامت بمباشرة التحقيق معهم وإحالتهم للمحاكمة أمام القضاة الجزائيين وان ثبت لها أنهم غير بالغين قامت بإحالتهم إلى نيابات الأحداث–علماً بأنه يتوجب طبقاً للأحكام القانونية العامة على أعضاء النيابات من تلقاء أنفسهم التثبت من سن المسئولية الجنائية ،لان هذه المسألة من النظام العام ،كما انه يتوجب على عضو النيابة التأكد من صفته هو واختصاصه ،ولايتحقق ذلك إلا إذا تأكد بما لايدع مجالاً للشك من سن المسئولية الجنائية .


المبحث الثاني وسائل تحديد واثبات السن في القانون اليمني طبقاً للقوانين النافذة 

فشهادة الميلاد هي الوثيقة المعدة أصلاً لإثبات أعمار الأشخاص ، وهناك وثائق أخرى معدة لإثبات مسائل أخرى ولكن هذه الوثائق تتضمن بيانات عن سن الشخص – ومن المهم للغاية عرض هذه الوثائق وبيان دورها في الإثبات – كما أنه في أحيان كثيرة لا سيما في اليمن لا يحوز كثير من الأشخاص أية وثائق يٌستعان بها في تحديد أعمارهم , وعندئذ يتم اللجوء إلى أهل الخبرة أو شهادة الشهود لتحديد أعمارهم كما يمكن إثبات السن عن طريق علامات البلوغ – وهناك إشكالات كثيرة تثور في هذا الشأن.

 وسوف نعرض هذه المسائل في المطالب الآتية :-

المطلب الأول : إثبات السن عن طريق شهادة الميلاد.

المطلب الثاني : إثبات السن عن طريق البطاقة الشخصية والعائلية. 

المطلب الثالث : إثبات السن عن طريق جواز السفر.

المطلب الرابع : إثبات السن عن طريق الشهادات الدراسية.

المطلب الخامس : إثبات السن عن طريق شهادة الشهود .

المطلب السادس : إثبات السن عن طريق أعمال الخبرة (التقارير الطبية).

المطلب السابع : إثبات السن عن طريق علامات البلوغ .

المطلب الأول إثبات السن عن طريق شهادة الميلاد

 شهادة الميلاد هي الوثيقة القانونية المعدة أصلاً لإثبات السن ،وهي تصدر من قبل مصلحة الأحوال المدنية وفقاً لأحكام المواد20و21و22و23 من قانون الأحوال المدنية والسجل المدني ووفقاً لأحكام المواد 19و20و21و22و23 من اللائحة التنفيذية للقانون المشار إليه – وهذه الشهادة تمنح خلال ستين يوماً من تاريخ حدوث الولادة – ولهذه الوثيقة حجيتها القانونية باعتبارها محرراً رسمياً طبقاً لأحكام المادتين 98و100 من قانون الإثبات، وإذا لم يتم الإبلاغ عن الولادة خلال ستين يوماً – ولكن الإبلاغ تم بعد ذلك بمدة لا تزيد على سنة من تاريخ واقعة الولادة ففي هذه الحالة وطبقاً للمادة (27) من لائحة قانون السجل المدني يحصل المولود في هذه الحالة على شهادة ميلاد بموجب إقرار من ولي أمر المولود بواقعة الولادة وتاريخها ويصادق على هذا الإقرار العاقل أو الجهة الإدارية ،أما إذا كان الإبلاغ عن ولادة الطفل قد تم بعد سنة من تاريخ الولادة ففي هذه الحالة ووفقاً للمادة (27) من لائحة قانون السجل المدني يتم عرض البلاغ مع المستندات المؤيدة له على لجنة الأحوال المدنية المشكلة في المنطقة التي تقع في دائرتها إدارة السجل المدني حيث تقوم هذه اللجنة بتحرير شهادة ميلاد للطفل بعد إجراء التحري والتحقيق اللازم للتأكد من صحة واقعة الولادة وتاريخها. ومع أن شهادة الميلاد محرراً رسمياً له حجيته القانونية الثبوتية طبقاً لقانون الإثبات ومع أن هذه الشهادة هي الوثيقة القانونية المعدة أصلاً لإثبات السن إلا أن هناك إشكالات عدة تثور بشان إثبات السن بشهادة الميلاد أبرزها ما يأتي :-

1- حداثة نظام السجل المدني باليمن وعدم وجوده في كافة مناطق الجمهورية بالإضافة إلى ضعف التوعية بأهمية الحصول على شهادات الميلاد .ولذلك هناك كثير من الأشخاص ليس لديهم شهادات ميلاد (هناك إحصائيات تذهب إلى أن 22% فقط من اليمنيين لديهم شهادات ميلاد).

2- مع أن شهادة الميلاد هي الوثيقة القانونية المعدة أصلاً لإثبات السن ولها حجيتها القانونية باعتبارها محرراً رسمياً طبقاً لقانون الإثبات – إلا أن هذا القانون ذاته قد أجاز الطعن فيها بالتزوير.

3- تناقض سن الميلاد المثبت في شهادة الميلاد مع السن المثبت في الوثائق الأخرى التي يحصل عليها المولود فيما بعد ،فكثيراً ما يتعمد ولي أمر الطفل زيادة سنه لإدخاله المدرسة أو لحصوله على وظيفة ما وغير ذلك ، والقاعدة القانونية العامة الواجب إعمالها لإزالة هذا التناقض تنص على أن ( الخاص مقدم على العام عند التطبيق والإعمال) فينبغي العمل بالسن المثبتة في شهادة الميلاد لأنها الوثيقة المعدة أصلاً لإثبات السن طبقاً لأحكام القانون.

4- لم يحدد قانون السجل المدني كيفية تحديد سن من ليس لديه وثائق تثبت تاريخ ولادته وهي شريحة واسعة في المجتمع اليمني الذي لم يعرف نظام السجل المدني إلا قبل فترة وجيزة حيث يتم ذلك من قبل لجنة السجل المدني حيث يحصل المواطن على ( شهادة التسنين) ولا يثق الكثير بشهادات التسنين لا سيما إذا حصل عليها الأشخاص بعد بلوغهم– وهذه الحالة نرى أنها تخضع لقواعد الإثبات ووسائله المختلفة المبينة في قانون الإثبات (شهادات الأشخاص – المحررات الرسمية والعرفية – أعمال الخبرة – القرائن والعلامات).


المطلب الثاني إثبات السن بالبطاقة الشخصية والعائلية 

البطاقة الشخصية هي الوثيقة الرسمية القانونية المعدة أصلاً لإثبات هويات الأشخاص و شخصياتهم وفقاً لما ورد في المادة (55) من قانون الأحوال المدنية والسجل المدني ، وتتضمن البطاقة الشخصية بيانات كثيرة بحسب ما ورد في المادة (51) من اللائحة التنفيذية لقانون الأحوال المدنية ومن ضمن هذه البيانات تاريخ ميلاد صاحب البطاقة الشخصية – وهذه البيانات لها حجيتها القانونية وتعد دليلاً بحسب ما ورد في المادة (55) من قانون الأحوال المدنية التي نصت على أن (تعتبر البطاقة الشخصية دليلاً على صحة البيانات الواردة فيها ولا يجوز للجهات الحكومية وغير الحكومية الامتناع عن اعتمادها في إثبات شخصية صاحبها ) والبطاقة الشخصية وثيقة ومحرر رسمي له حجيته القانونية طبقاً لقانون الإثبات .والبطاقة الشخصية يحصل عليها كل مواطن يمني أكمل سن السادسة عشرة من عمره بحسب ما ورد في المادة (49) من القانون ، ويجب على كل مواطن يمني الحصول على هذه البطاقة ولا يستثنى من ذلك إلا منتسبي المؤسسات العسكرية الذين تمنح لهم هذه المؤسسات بطاقات عسكرية شريطة أن يكونوا قد بلغوا سن الثامنة عشرة . وهناك إشكالات تتعلق بإثبات السن بالبطاقة الشخصية من أهمها ما يأتي :-

1- هناك أشخاص كثيرون ليس لديهم بطاقات شخصية لاسيما في المناطق النائية والأحياء الفقيرة .

2- لا تتحرى الجهات المعنية عند تدوين تاريخ الميلاد في البطاقة الشخصية ويتركز اهتمام هذه الجهات على التأكد من هوية وشخصية طالب البطاقة وليس سنه .

3- يتعمد بعض الأطفال الزيادة في سنهم عند الحصول على البطاقة الشخصية طلباً لوظيفة أو عمل لا سيما والبطاقة الشخصية من أهم الوثائق التي يجب على طالب الوظيفة أو العمل إبرازها عند طلبه للوظيفة أو العمل .

4- كثيراً ما يحدث التناقض فيما يتعلق بسن الشخص المدون في البطاقة والسن المدون في الوثائق الأخرى كجواز السفر والشهادة الدراسية وشهادة الميلاد.5- السن المدون في البطاقة الشخصية قابل لإثبات العكس لأن البطاقة الشخصية وان كانت محرر رسمياً إلا أنها تقبل الطعن بالتزوير وفقاً لنص لقانون الإثبات الذي أسبغ عليها الحجية. إثبات السن عن طريق البطاقة العائليةالبطاقة العائلية هي الوثيقة الرسمية المعدة أصلاً لإثبات أن صاحب هذه البطاقة يعول الأشخاص المثبتة أسماؤهم فيها وغالباً ما تشتمل هذه البطاقة على أسماء (العائل-الزوج) والزوجة والأبناء وتواريخ ميلادهم ، وكلما وقعت ولادة يتم إضافتها وإثبات تاريخها في البطاقة العائلية وفي السجل المدني لصاحب البطاقة ، ويمكن إثبات السن عن طريق البطاقة العائلية شريطة ألا تتعارض مع سن الطفل المثبت في شهادة ميلاده ، والإشكاليات التي تثور عند إثبات السن عن طريق البطاقة العائلية هي الإشكاليات ذاتها التي تثور عند الإثبات بواسطة البطاقة الشخصية والسابق ذكرها ولا حاجة لإعادة ذكرها هنا خشية الإطالة والتكرار.


المطلب الثالث إثبات السن عن طريق جواز السفر

طبقاً للمادة (6) من قانون الجوازات تصرف جوازات السفر العادية لكل مواطن يمني بلغ عمره السادسة عشرة ، ويضاف الأبناء الذين تقل أعمارهم عن ذلك إلى جواز سفر والدهم أو والدتهم أو جدهم أو جدتهم بموجب شهادات ميلادهم أو أي وثيقة رسمية تدل على ثبوت النسب أو القرابة بحسب ما ورد في المادة (10) من لائحة قانون الجوازات . وجواز السفر وثيقة أو محرر رسمي طبقاً للمادة (100) من قانون الإثبات وله حجيته القانونية بموجب تلك المادة ما لم يثبت تزويره بالطرق المقررة قانوناً. ومن أهم البيانات التي يتم تدوينها في جواز السفر هو سن الطفل الذي بلغ السادسة عشرة من عمره أو سن الطفل الأصغر عمراً (القصار). 

وهناك إشكالات كثيرة تتعلق بإثبات السن عن طريق جواز السفر أهمها ما يأتي :

1- مع أن جواز السفر من أهم الوثائق والمحررات الرسمية التي يصرح قانون الإثبات بان لها حجيتها القانونية إلا أنها قابلة لإثبات العكس بما في ذلك بيان السن.

2- جواز السفر وثيقة رسمية معدة أصلاً لإثبات جنسية وهوية حاملها .

3- لا تتحرى الجهة المعنية كثيراً عند إثبات السن في جواز السفر لأن اهتمامها يتجه إلى التثبت من جنسية وهوية طالب الحصول على الجواز- فقد نصت الفقرة(ب) من المادة(3) من لائحة قانون الجوازات.على أنه يجب على طالب الجواز أن يرفق بطلبه (صوره من البطاقة الشخصية وأن تعذر ذلك فيرفق أية وثيقة رسمية صادرة من جهة مختصة يستدل منها على شخصية طالب الجواز وبلوغه سن السادسة عشرة) .


المطلب الرابع إثبات السن عن طريق الشهادات الدراسية

الشهادات الدراسية هي الوثائق الرسمية المعدة قانوناً لإثبات نجاح الطلاب وانتقالهم من صف دراسي إلى الصف الأعلى منه أومن مرحلة دراسية إلى مرحلة أعلى ، وتتضمن هذه الشهادات بيانات كثيرة عن الطلاب ومنها تاريخ ميلادهم أي سن الطالب، ويفترض أن يعتمد المختصون في المدارس في تحديد السن على شهادة ميلاد الطالب التي لا يدخل الطالب المدرسة إلا إذا قدم نسخة منها – ولكن مدارس كثيرة لا تتحرى عند تدوين سن الطالب في الشهادات الدراسية إذ يتركز اهتمامها على تدوين درجات الطالب وتقديراته ومدى نجاحه أو رسوبه، ولذلك يتناقض السن المثبت في هذه الشهادات مع السن المثبت في الوثائق الأخرى .كما أن الكثير من المدارس تصدر بطاقات دراسية للطلاب للتعرف على انتسابهم إليها ويسمح لهم بموجبها من الدخول إلى المدرسة وتدون في هذه البطاقات بيانات كثيرة منها سن الطالب.


المطلب الخامس إثبات السن بشهادة الشهود 

شهادات الشهود من أهم وسائل الإثبات في الشريعة والقانون ، وقد ذكرنا بدايةً إن تحديد السن يخضع للقواعد العامة في الإثبات عند عدم وجود شهادة ميلاد إلا أن المادة (31) عقوبات قد أوجبت في هذه الحالة إثبات السن عن طريق أعمال الخبرة ،وفي ذلك تقييد مضر للغاية بمصلحة الطفل ، ويعد ذلك استثناء للطفل من القواعد العامة للإثبات التي كانت تتيح للطفل عندما يكون متهماً بأن يثبت سنه الحقيقي بأية وسيلة من وسائل الإثبات بما في ذلك شهادة الشهود وغيرها ، وإثبات السن بشهادة الشهود يتم بأن يشهد شاهدان عدلان بان فلاناً قد ولد عام كذا ،لان النسب والميلاد والوفاة و الزواج والوقف تثبت بالاستفاضة والشهرة والعلم بين الناس ،وتكون هناك وليمة (عقيقة ) بعد أسبوع من ولادة الشخص يجتمع فيها الأقارب و الجيران ومن أغراضها تحقق العلم والإشهار لواقعة الولادة ونوع المولود وتاريخ الولادة . وشهادة الشهود مقدمة على المحررات في الإثبات ،لان الشهادة دليل أما المحررات فهي قرائن حسبما هو مبين في قانون الإثبات .


المطلب السادس إثبات السن عن طريق أعمال الخبرة (التقارير الطبية)

 وقد صرح قانون الجرائم والعقوبات بوجوب إحالة المتهم إلى خبير إذا لم تكن سنه محققة أي في حالة عدم وجود وثائق رسمية تبين سن المتهم أو في حالة الشك والارتياب في سن المتهم ، حيث قصر القانون وسيلة إثبات السن في هذه الحالة على وسيلة وحيدة يتيمة هي الفحص الطبي الذي أظهر الواقع والتجربة عدم الركون إلى نتائجه في هذا الشأن لأنه يفيد الظن وأن نتائج هذا الفحص تختلف من طبيب إلى آخر ومن منطقة إلى أخرى ومن شخص إلى آخر وتختلف باختلاف الأجناس والتغذية على النحو الذي سنشير إليه لاحقاً، حيث نصت المادة (31) من قانون الجرائم والعقوبات على انه (إذا كانت سن المتهم غير محققة قدرها القاضي بالاستعانة بخبير) وكذلك المادة (165) من قانون الإثبات التي نصت على انه (على المحكمة في المسائل الفنية كمسائل الطب والهندسة والحساب وغيرها مما يدق فهمه أن تعين خبيراً عدلاً أو أكثر من المؤهلين علمياً وفنياً أو ممن لهم خبرة مشهورة لتستعين بهم في كشف غموض هذه المسائل بما يفيد في إثبات الواقعة المراد إثباتها) بل أن القانون قد جعل الفحص الطبي لتحديد السن وجوباً ، حيث نصت المادة (208) من قانون الإجراءات الجزائية (على أن يكون طلب تقرير الخبير وجوبياً ببيان سن المهتم أو المجني عليه في حالة ما يكون ذلك مهماً للقضية ولا توجد مستندات تثبت سنه) .وعند استعانة القضاء بالطب العدلي لإثبات السن تظهر إشكالات كثيرة أبرزها الآتي:

1- يتولى هذه المهمة طبيب واحد ويكون تقريره بمثابة شهادة الواحد, وشهادة الواحد لا تكون دليلا ًكافياً في الإثبات إلا إذا تساندت مع أدلة أو قرائن أخرى

 2- تتناقض تقارير وإفادات الأطباء في المسألة الواحدة مما يثير الريبة والشك لدى القضاة والمحامين والخصوم في آن واحد.

3- تتناقض النتائج التي يتوصل إليها الأطباء بشأن سن المتهم مع بعض المحررات المثبت فيها سن المتهم .

4- عدم دقة النتائج التي يتوصل إليها الأطباء الشرعيين، فالنتائج التي يتوصل إليها هؤلاء ظنية وليست يقينية 100% والواجب في الأحكام القضائية أن تبنى على القطع واليقين وليس على الظن والتخمين.

5- نتائج الفحص الطبي لتحديد السن لا تفيد اليقين ولا يٌركن إليها حيث أنها تختلف باختلاف الأفراد والمناطق والتغذية والظروف المناخية حسبما يذكر المتخصصون في هذا الشأن . 

6- انعدام الأجهزة والوسائل الحديثة للفحص الطبي وقلة الكوادر المتخصصة ولذا يتم الاعتماد فقط في تحديد السن على الفحص بواسطة الأشعة السينية للكوع فقط أو للذراع والكوع معاً.

7- عدم التزام القاضي بما يتوصل إليه الطبيب الخبير بذريعة قاعدة (أن القاضي خبير الخبراء) فله أن يعمل بما يتوصل إليه الخبير وله أن يهمل ذلك وقد خّول له قانون الإثبات وقانون الإجراءات هذه الصلاحية ، حيث نصت المادة (216) إجراءات على أنه (لا يكون تقرير الخبير ملزماً للنيابة العامة أو المحكمة) .

 المطلب السابع إثبات السن عن طريق علامات البلوغ

ذكرنا فيما سبق أنه يؤخذ على قانون العقوبات وتحديداً المادة (31) قصرت وسيلة إثبات السن عند عدم وجود وثيقة رسمية تحدد السن على وسيلة واحدة وهي أعمال الخبرة الطبية مع أن قانون الإثبات قد حدد في المادة (13) طرق الإثبات وهي : شهادة الشهود، الإقرار، الكتابة ، اليمين وردها والنكول عنها، والقرائن القاطعة والمعاينة ، والخبرة ، واستجواب الخصم .وعلامات البلوغ التي تظهر على الأشخاص هي من قبيل القرائن حيث عرفت المادة (154) من قانون الإثبات القرينة القاطعة بأنها (ما عٌلم من الأمارات ودلائل الحال المصاحبة للواقعة المراد إثباتها فتدل بطريقة القطع الذي لا يقبل الاحتمال أصلاً على ثبوتها) وعلامات البلوغ هي عبارة عن أمارات يستدل بها على عمر الشخص ، وهناك علامات خاصة بالذكور كإنبات الشعر وانفلاق الأرنبة وغلظة الصوت والاحتلام وهناك علامات بلوغ خاصة بالنساء كالنهود والحيض .....ألخ ، إلا أن هذه العلامات ليست مضطردة وتختلف باختلاف الأشخاص والمناطق وتبعاً لذلك لا يتم الاعتماد على هذه القرائن بمفردها .


نتائج البحث 

من خلال استقراء صفحات البحث نجد أن الباحث قد توصل إلى نتائج عدة قام بإثباتها في مواضعها من البحث ، ونكتفي هنا بالإشارة بإيجاز إلى أهم نتائج البحث وعلى النحو الآتي :

1- القانون اليمني يأخذ بالمذهب الشخصي في تحديده للمسئولية الجزائية الذي يعتمد في تأسيسه للمسئولية الجزائية على مدى حرية الإنسان واختياره و إدراكه في أثناء ارتكابه للفعل الإجرامي ،وتبعاً لذلك فأن الطفل لا يكون عرضةً للمسألة الجزائية لانعدام أو نقص إدراكه .

2- استعملت الدراسة مصطلح (الطفل) وليس (الحدث) عملاً بالاتجاهات و التعديلات القانونية الحديثة التي تحبذ استعمال مصطلح (الطفل) وليس (الحدث) ، لان مصطلح (الحدث) له إيحاءات سيئة ، وقد كان الباحث ضمن الخبراء القانونين الذين راجعوا تعديلات قوانين الطفولة والذين وافقوا بالإجماع على تضمين أحكام ومسائل الطفولة في قانون واحد قدر الإمكان واستعمال مصطلح (الطفل) بدلاً عن مصطلح (الحدث) .

3- لا يسأل الطفل جزائياً في القانون اليمني إلا إذا بلغ سن الثامنة عشرة .

4- وسائل تحديد السن وإثباته في القانون اليمني كثيرة ومختلفة ، وهناك وثائق رسمية يٌستعان بها في تحديد السن كشهادة الميلاد والبطاقة الشخصية و جواز السفر وشهادات الدراسة – وفي حالة عدم وجود أي من هذه الوثائق فقد أوجب القانون اللجوء إلى أعمال الخبرة (الطب العدلي) لإثبات وتحديد السن .ومن وجهة نظرنا أنه بالإمكان إثبات سن الطفل بشهادة الشهود عند عدم وجود وثائق إذا كان في ذلك مصلحة للطفل ، لأن الشهادة في الشريعة والقانون من أهم وسائل الإثبات .

5- وسائل إثبات السن متعددة طبقاً لقانون الإثبات أما قانون العقوبات فقد جعل في المادة (31) إثبات السن عن طريق أعمال الخبرة الطبية هي الوسيلة الوحيدة لإثبات السن عند عدم وجود وثيقة تحدد السن وفي ذلك ضرر بالغ بالطفل ويخل بالمصلحة الفضلى للطفل ، وتقييد إثبات السن عند عدم وجود وثيقة على هذا النحو يخالف قانون الإثبات وهو القانون الناظم لوسائل الإثبات الذي أطلق وسائل الإثبات كما أن هذا التقييد يخالف أيضاً مبدأ حرية الإثبات الذي نصت عليه المادة (223) إجراءات التي نصت على انه (تعد من أدلة الإثبات في الدعوى الجزائية ما يلي : أ-شهادة الشهود- ب-تقرير الخبراء- ج-اعتراف المتهم -د-المستندات بما فيها أية تقارير رسمية مرتبطة بشخصية المتهم أو وقائع الجريمة والقرائن والأدلة الأخرى) فهذا النص صريح في إطلاق وسائل الإثبات حفظاً للحقوق وعصمة للدماء . 

6- وثائق إثبات السن ليست في مرتبة واحدة من حيث حجيتها وإنما تتدرج في قوتها الثبوتية فشهادة الميلاد تحتل المرتبة الأولى في هذا الشأن كونها الوثيقة القانونية المعدة أصلاً لإثبات السن وتأتي البطاقة الشخصية في المرتبة الثانية –وبعد ذلك يأتي دور الوثائق الأخرى ولا يخل هذا الترتيب بمبدأ تساند الأدلة.

7- تساند الأدلة يوفر لدى القضاء الاطمئنان والقناعة بعدالة الحكم – فإذا تساندت أدلة ووسائل إثبات السن ولم تتناقض فيما بينها فعندئذ يتوجب على القاضي الاعتماد على هذه الأدلة وقد صرح قانون الإجراءات الجزائية بالأخذ بمبدأ تساند الأدلة حيث نصت المادة (321) على انه (1- لا إدانة إلا بناءً على أدلة -2- تقرير الأدلة يكون وفقاً لاقتناع المحكمة في ضوء مبدأ تكامل الأدلة فلا يتمتع دليل بقوة مسبقة في الإثبات) – أما عندما تتناقض هذه الأدلة وتتنافر فعندئذ يتوجب تحديد ما هو العام وما هو الخاص من هذه الأدلة حتى يتم تقديم الخاص على العام في التطبيق ، فمثلاً يتم تقديم شهادة الميلاد على البطاقة الشخصية ، وكذا تقديم البطاقة الشخصية على البطاقة العائلية ، في حين يتم تقديم البطاقة العائلية على الشهادة الدراسية وهكذا .

8- عدم دقة الفحص الطبي المتبع في اليمن لتحديد السن لاقتصاره على الفحص بالأشعة السينية للكوع فقط أو للكوع والذراع فضلاً عن عدم توفر الأجهزة الحديثة المستعملة في الفحص إضافة إلى أن الذي يقوم بإعداد التقرير الطبي شخص واحد لا يؤمن خطاؤه أو تواطئوه إضافة إلى اختلاف نتائج الفحص الطبي للحالة الواحدة بين طبيب وأخر، كما أن تقرير الطبيب الواحد يعد شهادة واحد لا تكفي لإثبات السن كما أن نتائج الفحص تختلف باختلاف الأشخاص والمناطق والقبائل والجماعات ونمط التغذية ولهذه الاعتبارات يتوجب أن تسند هذه المهمة للجنة طبية (قمسيون)حسبما هو متبع في أغلب الدول على أن تقوم هذه اللجنة بتوسيع نطاق التحري عن السن كما هو الحال في كثير من الدول فمثلاً في السودان يختص القمسيون بدراسة المستندات الأخرى المدون بها السن وتتم مراجعة المستندات بواسطة مكتب التدقيق الذي يستعين به القمسيون كما أن الفحص الطبي للتأكد من السن بواسطة الأشعة لا يقتصر على الكوع فقط أو الذراع فقط أو عليهما معاً ، وإنما يشمل مفاصل العظام الكبيرة حسبما ورد في دليل إجراءات القمسيون .

9- في أحيان كثيرة تتناقض وثائق إثبات السن وكذا تقارير الفحص الطبي وذلك يولد الشك , والشك يجب طبقاً للقانون وقواعد العدالة أن يٌفسر لمصلحة الطفل لأنه المتهم ولأنه الإولى بالرعاية . فإذا كانت بعض الوثائق والتقارير تذهب إلى أن الطفل بالغ وبعضها الأخر يذهب إلى أنه غير بالغ فعندئذ يتوجب معاملته جزائياً على أنه غير بالغ – وفي هذا الشأن نصت المادة (4) إجراءات على أن (يفسر الشك لمصلحة المتهم ).

10- هناك سوابق قضائية في اليمن تذهب إلى توسيع نطاق إثبات سن المتهم الطفل عن طريق وسائل إثبات عدة ولا تكتفي بتقرير الطبيب الشرعي ومن هذه السوابق القضائية الحكم الصادر عن الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا بتاريخ 7/3/2007م الذي قرر قاعدة عامة هامة مفادها أن (تقدير سن المتهم وقت ارتكابه جريمة يكون بناءً على تحقيق موضوعي تجريه محكمة الموضوع مستعينة في ذلك بتقرير من الطبيب الشرعي يؤكد سنه وقت وقوع الجريمة) وخلاصة وقائع القضية التي صدر فيها هذا الحكم أن محكمة الموضوع قد اٍعتمدت فقط على تقرير الطبيب الشرعي في تحديد سن المتهم الذي دفع أمام محكمة الموضوع بأنه لم يبلغ سن المسئولية الجنائية (الثامنة عشرة) حين ارتكابه لجريمة القتل،وقد استندت محكمة الموضوع في اعتمادها على تقرير الطبيب الشرعي فقط استندت إلى المادة (31) عقوبات التي نصت على انه(إذا كانت سن المتهم غير محققة قدرها القاضي بالاستعانة بخبير) كما أن محكمة النقض المصرية تتجه إلى هذه الوجهة حيث أقرت على أن تحديد السن (لا يعتد فيه إلا بوثيقةً رسميةً كشهادة ميلاد أو بطاقة شخصية أو مستند رسمي أخر ولا يٌلجأ للخبير في تقدير السن إلا في حالة عدم وجود الوثيقة الرسمية) أنظر الطعن رقم(5322)-لسنة 71ق-تاريخ الجلسة 28/10/2002م-مكتب فني53–رقم الصفحة 1018- الوقائع.

11- حداثة نظام السجل المدني باليمن وعدم انتظامه يثير إشكالات كثيرة في إثبات السن ، فهناك شرائح واسعة من المجتمع ليس لديها شهادات ميلاد أو بطاقات شخصية لاسيما في المناطق النائية والأحياء الفقيرة .


توصيات البحث

من خلال عرض نتائج البحث السابق ذكرها فان الباحث يوصي بالآتي :

1- استعمال مصطلح (الطفل) عوضاً عن (مصطلح الحدث) لما لمصطلح(الحدث) من إيحاءات سيئة وأضرار بالغة بالطفل حاضراً ومستقبلاً.

2- التزام النيابة العامة بما ورد في المادة (9) من قانون رعاية الأحداث التي تنص على عدم اللجوء إلى تحديد سن الطفل بالفحص الطبي إلا في حالة عدم وجود مستندات تبين سن الطفل ، لأن هذا النص خاص بالطفل يكون واجب التطبيق لا سيما والمادة (31) عقوبات تنص صراحةً على أن تحديد السن بالخبرة الطبية لا يكون إلا عندما تكون السن غير متحققة - أي في حالة عدم وجود أية وثائق تبين سن الطفل .

 3- تعديل المادة ( 31)عقوبات التي قصرت وسيلة إثبات السن عند عدم وجود وثيقة على الفحص الطبي فقط بحيث تسمح هذه المادة بإثبات السن بأية وسيلة أو طريقة من طرق الإثبات المنصوص عليها في قانون الإثبات وقانون الإجراءات علماً بأن المادة (2) من قانون الطفل المصري رقم(12) لسنة1996م المعدل بقانون رقم (126) لسنة 2008م قد نصت على أن (الطفل كل من لم يتجاوز سنه الثامنة عشرة سنة ميلادية كاملة وتثبت السن بموجب شهادة الميلاد أو بطاقة الرقم الوطني أو أي مستند رسمي أخر فإذا لم يوجد المستند الرسمي أصلاً قٌدرت السن بمعرفة أحدى الجهات التي يصدر بتحديدها قرار من وزير العدل بالاتفاق مع وزير الصحة) وليس في القانون اليمني نظيراً لهذا النص الذي يكفل المرونة والسعة في إثبات سن الطفل لا سيما عندما يكون متهماً . 

4- توسيع نطاق وسائل إثبات السن أمام القضاء لما لذلك من أهمية في معرفة الحقيقة وتحقيق المصلحة الفضلى للطفل , فحرية إثبات السن لها عوائد وفوائد جمة للطفل ولا خوف من كثرة وسائل إثبات سنه طالما والشك سوف يفسر لمصلحته -لان الواقع العملي يؤكد أن القاضي يكتفي بوسيلة واحدة لإثبات السن قد لا تكون في مصلحة الطفل علماً بأن وسائل إثبات سن الطفل واسعة في الدول الأخرى (لاحظ السودان ومصر والمغرب) وكذا نوصي بتشجيع القضاء في اليمن على توسيع نطاق إثبات سن الطفل المتهم بوسائل الإثبات المقررة قانوناً وعدم الاكتفاء في إثبات السن بوسيلة الطب الشرعي فقط وقد أشرنا فيما سبق إلى وجود سوابق قضائية في اليمن تقرر إثبات سن الطفل بعدة وسائل إثبات .

5- قيام النائب العام بإصدار منشور يوجب فيه على كافة أعضاء النيابة ضرورة التأكد بدايةً من سن المتهم قبل مباشرة إجراءات التحقيق معه – فإذا تأكد لهم انه غير بالغ فتتم إحالته فوراً إلى نيابات الأحداث المختصة – فهذه هي الضمانة الأكيدة والوحيدة للحيلولة دون صدور أحكام إعدام أو سجن جديدة بحق أطفال في اليمن.فعبء إثبات السن يقع على عاتق النيابة العامة باعتبارها الجهة المكلفة بإثبات جميع عناصر التهمة ، وأن تحديد سن المتهم هو أحد عناصر التهمة ممن يتعين معه عدم اتخاذ النيابات العادية أي إجراء من إجراءات التحقيق والمحاكمة مع المشتبهين في كونهم لم يبلغوا سن المسئولية الجنائية إلا بعد التأكد من سنهم بكافة الطرق وهذا ما تقوم به النيابة العامة في الدول الأخرى (لاحظ مصر والمغرب) مع التأكيد على أنه في حالة ادعاء المتهم أنه صغير سن فعليه أن يثبت ذلك بكافة طرق ووسائل الإثبات وليس عن طريق وسيلة الفحص الطبي فقط طبقاً لمادة (321) إجراءات التي نصت على أن ( 3- يقع عب إثبات أية واقعة على المدعي بقيامها إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك) 

6- عند الشك في سن المتهم ينبغي على النيابة والقضاء تفسير هذا الشك لمصلحة الطفل طبقاً للقواعد القانونية العامة في العالم بأسره التي تفسر الشك لصالح المتهم – ولو عمل القضاء باليمن بهذه القاعدة فأنا ضامن بأنه لن يصدر حكمٌ في اليمن على طفل بإعدام أو سجن!

7- إعادة النظر في وسيلة إثبات السن عن طريق الفحص الطبي من حيث عدم إسناد الفحص لطبيب واحد فنوصي بان تٌسند هذه المهمة للجنة طبية, وكذا ينبغي إعادة النظر في الأجهزة التي يتم الفحص بواسطتها وكذا الأعضاء التي يتم فحصها لإثبات السن وعدم الاكتفاء بالكشف بالأشعة السينية على الكوع أو الذراع والكوع فقط .

 8- نوصي بأن يقوم النائب العام بإصدار منشور يبين فيه كيفية الفحص الطبي لتحديد السن وطريقته والإجراءات الواجب على الطبيب إتباعها ومشتملات التقرير الذي يتوجب عليه إعداده وتقديمه للنيابة أو القضاء حتى لا تخضع عملية الفحص الطبي للاجتهادات الفردية و التناقضات التي تثير الريبة والشك.

9- وضع الضمانات الكافية والشاملة والمناسبة للمعنيين بتحديد سن الطفل في القضايا الجنائية (الأطباء الشرعيين-منظمات المجتمع المدني– المحامون عن الأحداث-وغيرهم)لا سيما في قضايا القتل التي يكون الطفل متهماً فيها حتى لا يكون هؤلاء عرضةً للانتقام من أولياء الدم لا سيما في المجتمع اليمني التي تكون فيه قواعد الثأر والانتقام هي الغالبة على قواعد الشرع والقانون – فقد وقف الباحث شخصياً على قضايا أحداث كثيرة كان الخوف من الثأر والانتقام السبب الرئيس في التلاعب بتقدير سن الأحداث !

10- إعداد وإصدار قانون للطب الشرعي والعدلي باليمن وإنشاء هيئة أو مصلحة للطب العدلي تابعة لوزارة العدل تنظم و تهتم بمسائل الطب العدلي ومنها الفحص الطبي لإثبات السن .

11- نشر هذه الدراسة والتوعية بها على أوسع نطاق كي يستفيد منها المهتمون بالإضافة إلى خلق رأي عام مناصر يضمن عدم مثول الأطفال أمام محاكم البالغين , وحتى لا تكون الفائدة من الدراسة قاصرة على الحاضرين أو المشاركين بهذه الفعالية .

12- اعتماد هذه الدراسة ضمن المواد التدريبية والتوعوية في مجال قضاء الأطفال أو عدالة الأطفال .


ختاماً : الشكر الجزيل للقائمين والمنظمين لهذه الفعالية وكذا الشكر موصول للداعمين والمانحين والمشاركين فيها .
والحمد لله في البدء والختام والصلاة والسلام على محمد بدر التمام وعلى آله وصحبه الكرام .
(ربنا لا تؤاخذنا أن نسينا أو أخطائنا)


قائمة بأهم مراجع البحث ومصادره

1- المسئولية الجنائية للطفل – د. حمدي رجب عطية – دار النهضة العربية -القاهرة 2000م .

2- حماية حقوق الطفل في القانون الدولي العام والشريعة الإسلامية – د.منتصر سعيد حمودة – دار الجامعة الجديدة – الإسكندرية 2007م.

3- حقوق الطفل القضائية في الدوائر العدلية السعودية- محمد بن إبراهيم الصائغ - الرياض 1421هـ.

4- أوجه الطعن في التقارير الطبية- جمال الدين عوض – دار المطبوعات الجامعية - الإسكندرية 1969م.

5- التعليمات العامة للنيابات في المسائل الجنائية – أسامة احمد شتات- دار الكتب القانونية – المجلة الكبرى مصر 1997م.

6- شهادة أهل الخبرة وأحكامها – دراسة فقهية مقارنة – د.أيمن محمد على حتمل – دار الحامد – عمان الأردن 2008م .

7- ورقة سياسات حول عقوبة الإعدام والاحتجاز التعسفي بحق الأطفال في الجمهورية اليمنية – منظمة اليونيسيف والاتحاد الأوروبي – صنعاء 2012م

8- حجية الخبرة في الإثبات الجنائي – د. عبد الخالق محمد الصلوي – دار النهضة العربية – القاهرة 2009م.

9- قانون الإثبات اليمني – وزارة الشؤون القانونية .

10- قانون الأحوال المدنية والسجل المدني ولائحته التنفيذية – وزارة الشؤون القانونية.

11- قانون الجوازات ولائحته التنفيذية - وزارة الشؤون القانونية.

12- سقانون الجرائم والعقوبات – وزارة الشؤون القانونية .

13- قانون رعاية الأحداث ولائحته التنفيذية – وزارة الشؤون القانونية .

14- الأحداث على ذمة الإعدام في اليمن- هيومن رايتس ووتش – مارس 2013م.


إعادة نشر#اعرف_حقك_وقانونك⚖️🇾🇪

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.